الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{أَتَىٰٓ أَمۡرُ ٱللَّهِ فَلَا تَسۡتَعۡجِلُوهُۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (1)

مقدمة السورة:

مكية ، إلى قوله تعالى : { وإن عاقبتم } إلى آخره وهي سبعة ألف وسبعمائة وسبعة أحرف ، والفان وثمانمائة وأربعون كلمة ، ومائة وثمان وعشرون آية

أبو أُمامة الباهلي عن أُبي بن كعب قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ( ومن قرأ سورة النحل لم يحاسبه الله بالنعم التي أنعمها عليه في دار الدنيا ، وأعطي من الأجر كالذي مات فأحسن الوصية ) .

{ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ } أي جاء فدنا ، واختلفوا في هذا الأمر ما هو .

فقال قوم : هو الساعة .

قال ابن عبّاس : لما أنزل الله تعالى

{ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ } [ القمر : 1 ] قال الكفار بعضهم لبعض : إن هذا يزعم [ أن ] يوم القيامة قد قرب فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى ننظر ماهو كائن ، فلما رأوا أنه لا ينزل شيء ، قالوا : ما نرى شيئاً ، فأنزل الله تعالى :

{ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ } [ الأنبياء : 1 ] الآية .

فأشفقوا وانتظروا قرب الساعة ، فلما إمتدت الأيام قالوا : يا محمّد ما نرى شيئاً مما تخوّفنا به فأنزل الله { أَتَى أَمْرُ اللَّهِ } فوثب النبي صلى الله عليه وسلم ورفع الناس رؤوسهم فنزلت { فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ } فاطمأنوا فلما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم " بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بأصبعيه إن كادت لتسبقني " .

وقال ابن عبّاس : كان بعث النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة . وأن جبرئيل لما مرَّ بأهل السماوات مبعوثاً إلى محمد صلى الله عليه وسلم قالوا : الله أكبر قد قامت الساعة .

قال الآخرون : الأمر هاهنا العذاب بالسيف ، وهو جواب للنضر بن الحرث حين قال :

{ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ } [ الأنفال : 32 ] الآية يستعجل العذاب ، فأنزل الله هذه الآية ، وهذا من الجواب المقصور فقتل النضر يوم بدر صبراً .

وقال الضحاك : { أَمْرُ اللَّهِ } : الأحكام والحدود والفرائض .

والقول الأوّل أولى بالصواب ؛ لأنه لم يبلغنا أن أحداً من الصحابة مستعجل بفريضة الله قبل أن تفرض عليهم ، وأمّا مستعجل العذاب من المشركين فقد كانوا كثيراً .

{ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * }