قوله : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } يحتمل أن يعود الضمير إلى المقتسمين ؛ لأنه الأقرب ، ويحتمل أن يعود إلى جميع المكلفين ، لأنَّ ذكرهم تقدَّم في قوله تعالى : { وَقُلْ إني أَنَا النذير المبين } أي : لجميع [ الخلائق ]{[19656]} .
{ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } قال القرطبي : في البخاري : قال عدَّة من أهل العلم في قوله تعالى : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }{[19657]} عن لا إله إلا الله .
فإن قيل : كيف الجمع بين قوله تعالى : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } وبين قوله : { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَانٌّ } [ الرحمن : 39 ] .
أولها : قال ابن عباس -رضي الله عنهما- : لا يسألون سؤال استفهامٍ ؛ لأنه تعالى عالم بكلِّ أعمالهم ، بل سؤال تقريع ، فيقال لهم : لم فعلتم كذا ؟{[19658]} .
وهذا ضعيف ؛ لأنه لو كان المراد من قوله : { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ } [ الرحمن : 39 ] سؤال استفهام ، لما كان في تخصيص هذا النفي بقولهم " يَومئِذٍ " فائدة ؛ لأنَّ مثل هذا السؤال على الله محالٌ في كلِّ الأوقات .
وثانيها : أنه يصرف للنفي إلى بعض الأوقات ، والإثبات إلى وقت آخر ؛ لأنَّ يوم القيامة ، يوم طويل ، وفيه مواقف يسألون في بعضها ، ولا يسألون في بعضها ، قاله عكرمة عن ابن عباس{[19659]} ونظيره قوله تعالى : { هذا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } [ المرسلات : 35 ] ، وقال في آية أخرى : { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القيامة عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } [ الزمر : 31 ] .
ولقائلٍ ِأن يقوله : قوله : { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ } الآية : تصريحٌ بأنه لا يحصل السؤال في ذلك اليوم ، فلو حصل السؤال في جزء من أجزاء اليوم ، لحصل التَّناقض .
وثالثها : أن قوله : { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ } تفيد الآية النَّفي ، وفي قوله { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ } يعود إلى المقتسمين ، وهذا خاص فيقدم على العام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.