جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ إِنۡ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا وَمَا نَحۡنُ بِمَبۡعُوثِينَ} (29)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالُوَاْ إِنْ هِيَ إِلاّ حَيَاتُنَا الدّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } . .

وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن هؤلاء المشركين العادلين به الأوثان والأصنام الذين ابتدأ هذه السورة بالخبر عنهم ، يقول تعالى ذكره : وَقالُوا إنْ هِيَ إلاّ حَياتُنا الدّنيْا يخبر عنهم أنهم ينكرون أن الله يحي خلقه بعد أن يميتهم ، ويقولون : لا حياة بعد الممات ولا بعث ولا نشور بعد الفناء . فهم بجحودهم ذلك وإنكارهم ثواب الله وعقابه في الدار الاَخرة ، لا يبالون ما أتوا وما ركبوا من إثم ومعصية لأنهم لا يرجون ثوابا على إيمان بالله وتصديق برسوله وعمل صالح بعد موت ، ولا يخافون عقابا على كفرهم بالله ورسوله وسيّىء من عمل يعملونه . وكان ابن زيد يقول : هذا خبر من الله تعالى عن هؤلاء الكفرة الذين وُقفوا على النار ، أنهم لو ردّوا إلى الدنيا لقالوا : إنْ هِيَ حيَاتُنا الدّنيَا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ .

حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلَوْ رُدّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وقالوا حين يردّون : إنْ هِيَ إلاّ حياتُنا الدّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ إِنۡ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا وَمَا نَحۡنُ بِمَبۡعُوثِينَ} (29)

{ وقالوا } عطف على لعادوا ، أو على إنهم لكاذبون أو على نهوا ، أو استئناف بذكر ما قالوه في الدنيا . { إن هي إلا حياتنا الدنيا } الضمير للحياة { وما نحن بمبعوثين } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ إِنۡ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا وَمَا نَحۡنُ بِمَبۡعُوثِينَ} (29)

وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ( 29 )

وقوله تعالى : { وقالوا إن هي إلا حياتنا } الآية ، هذا على تأويل الجمهور ابتداء كلام وإخبار عنهم بهذه المقالة ، ويحسن مع هذا أن يكون قوله قبل { وإنهم لكاذبون } مستأنفاً مقطوعاً خبراً عن حالهم في الدنيا التي من قولهم فيها { إن هي إلا حياتنا الدنيا } وغير ذلك ، و { إن } نافية ، ومعنى الآية التكذيب بالحشر والعودة إلى الله ، وقال ابن زيد قوله { وقالوا } معطوف على قوله { لعادوا } أي { لعادوا } لما نهوا عنه من الكفر { وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا } .

قال القاضي أبو محمد : وتوقيف الله لهم في الآية بعدها على البعث والإشارة إليه في قوله : { أليس هذا بالحق } يرد على هذا التأويل{[4883]} .


[4883]:- عقّب أبو حيان في "البحر" على ذلك بقوله: "ولا يرده ما ذكره ابن عطية لاختلاف الموطنين، لأن إقرارهم بحقيقة البعث هو في الآخرة، وإنكارهم ذلك هو في الدنيا على تقدير عودهم، وهو إنكار عناد، فإقرارهم به في الآخرة لا ينافي إنكارهم له في الدنيا على تقدير العود، ألا ترى إلى قوله: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم} وقول أبي جهل وقد علم أن ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم حق ما معناه أنه لا يؤمن به أبدا، هذا وذلك في موطن واحد وهي الدنيا. (البحر المحيط 4/104).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ إِنۡ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا وَمَا نَحۡنُ بِمَبۡعُوثِينَ} (29)

يجوز أن يكون عطفاً على قوله { لعادوا لما نُهوا عنه } [ الأنعام : 28 ] فيكون جواب { لوْ } ، أي لو ردّوا لكذّبوا بالقرآن أيضاً ، ولكذّبوا بالبعث كما كانوا مدّة الحياة الأولى . ويجوز أن تكون الجملة عطفت على جملة { يقول الذين كفروا إن هذا إلاّ أساطير الأولين } [ الأنعام : 25 ] ، ويكون ما بين الجملتين اعتراضاً يتعلّق بالتكذيب للقرآن .

وقوله { إنْ هي } ( إن ) نافية للجنس ، والضمير بعدها مبهم يفسّره ما بعد الاستثناء المفرّغ . قصد من إبهامه الإيجاز اعتماداً على مفسّره ، والضمير لمّا كان مفسّراً بنكرة فهو في حكم النكرة ، وليس هو ضمير قصّة وشأن ، لأنّه لا يستقيم معه معنى الاستثناء ، والمعنى إنْ الحياةُ لنا إلاّ حياتُنا الدنيا ، أي انحصر جنس حياتنا في حياتنا الدنيا فلا حياة لنا غيرها فبطلت حياة بعد الموت ، فالاسم الواقع بعد { إلاّ } في حكم البدل من الضمير .

وجملة : { وما نحن بمبعوثين } نفي للبعث ، وهو يستلزم تأكيد نفي الحياة غير حياة الدنيا ، لأنّ البعث لا يكون إلاّ مع حياة . وإنّما عطفت ولم تفصل فتكونَ موكّدة للجملة قبلها لأنّ قصدهم إبطال قول الرّسول صلى الله عليه وسلم أنّهم يحْيون حياة ثانية ، وقولَه تارة أنّهم مبعوثون بعد الموت ، فقصدوا إبطال كلّ باستقلاله .