غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَقَالُوٓاْ إِنۡ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا وَمَا نَحۡنُ بِمَبۡعُوثِينَ} (29)

25

وقال الزجاج : بدا للأتباع ما أخفاه الرؤساء منهم من أمر البعث والنشور بدليل قوله بعد ذلك { وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين } وهذا قول الحسن . وقيل : إنها في المنافقين كانوا يسرون الكفر فيظهر نفاقهم على رؤوس الأشهاد يوم القيامة . وقيل : هو في أهل الكتاب يظهر لهم ما كانوا يكتمونه من صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم . والأولى حمل الآية على الكل لأنه يوم تبلى السرائر فلا جرم تظهر الفضائح والقبائح وتنكشف الأسرار وتنهتك الأستار اللهم كفر عنا سيآتنا في ذلك اليوم . ثم قال { ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه } قيل كيف يتصوّر هذا وإنهم قد عرفوا الله تعالى حينئذ بالضرورة وشاهدوا الأحوال والأهوال ؟ وأجاب القاضي بأن المراد ولو ردّوا إلى حالة التكليف . وعلى هذا التقدير لا تبقى المعرفة ضرورية فلا يمتنع صدور الكفر عنهم . وضعف بأن المقصود من إيراد هذا الكلام المبالغة في غيهم وتماديهم وإصرارهم على الكفر . وإذا فرض عودهم إلى حالة التكليف زال التعجب كما هو الآن فإذن لا تنحل العقدة إلا بأن يقال : المراد توكيد جريان القضاء السابق فيهم بحيث لو شاهدوا العذاب والعقاب ثم سألوا الرجعة فردوا إلى الدنيا لعادوا إلى الشرك ولم ينجع ذلك فيهم { وإنهم لكاذبون } فيما وعدوا في ضمن التمني أو في كل شيء ولهذا قالوا { إن هي إلا حياتنا الدنيا } «إن » نافية والضمير عائد إلى حقيقة الحياة المعلومة في الأذهان ولهذا أضيف إلى ضمير جمع المتكلم أي ما لنا حياة إلا هذه الحياة التي هي أقرب إلينا { وما نحن بمبعوثين } بعدها . وقيل : إن تقدير الآية ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ولأنكروا البعث ولقالوا : إن هي إلا حياتنا الدنيا .

/خ37