تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَقَالُوٓاْ إِنۡ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا وَمَا نَحۡنُ بِمَبۡعُوثِينَ} (29)

الآية 29 وقوله تعالى : { وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين } قوله تعالى : { إن هي } يحتمل : هي الحياة الدنيا ، ويحتمل : هي الدنيا . ثم هذا القول يحتمل أن يكون من الدهرية لأنهم ينكرون البعث والحياة بعد الموت ، ويقولون : إن هذا الخلق كالنبات ، ينبت ، ثم يتلاشى . فعلى ذلك الخلق ، يموتون ، ويصيرون ترابا ، ثم يحيون في الدنيا كقوله تعالى : { وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر } [ الجاثية : 24 ] . ويحتمل أن هذا القول كان من مشركي العرب لما لم يروا إلا الدهر ، ولم يشاهدوا غيره ، فظنوا أنه ليس يهلكهم إلا ذلك الدهر الذي تدور الدنيا عليه . فإن كان ذلك منهم فإنما كان ذلك من كبرائهم ، ورؤسائهم على علم منهم بذلك أي بالبعث يلبسون على السفلة والأتباع ليكونوا أشد اتباعا لهم وانقيادا لأنهم لو أعلموا الأتباع بالبعث بعد الموت لعلهم يتركون طاعتهم واتباعهم لما يشتغلون بالاستعداد لذلك والعمل له ؛ ففي ذلك ترك اتباعهم وطاعتهم .