جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{حُورٞ مَّقۡصُورَٰتٞ فِي ٱلۡخِيَامِ} (72)

القول في تأويل قوله تعالى : { حُورٌ مّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * لَمْ يَطْمِثْهُنّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنّ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } .

يقول تعالى ذكره مخبرا عن هؤلاء الخيرات الحسان حُورٌ يعني بقول حور : بِيض ، وهي جمع حوراء ، والحوراء : البيضاء .

وقد بيّنا معنى الحور فيما مضى بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي يحيى القتات ، عن مجاهد حُورٌ قال : بيض .

قال : ثنا أبو نعيم ، عن إسرائيل ، عن مسلم ، عن مجاهد حُورٌ قال : بيض .

قال : ثنا وكيع ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد حُورٌ قال : النساء .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : حُورٌ مَقْصُورَات الحوراء : العَيْناء الحسناء .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان : الحور : سواد في بياض .

قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : الحور : البيض قلوبهم وأنفسهم وأبصارهم .

وأما قوله : مَقْصُورَاتٌ فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله ، فقال بعضهم : تأويله أنهنّ قُصِرْن على أزواجهنّ ، فلا يبغين بهم بدلاً ، ولا يرفعن أطرافهنّ إلى غيرهم من الرجال . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا عبيد الله ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي يحيى القتات ، عن مجاهد : مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : قُصِر طرفهنّ وأنفسهنّ على أزواجهنّ .

حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد مَقْصُورَاتٌ قال : قُصِر طرفهنّ على أزواجهنّ فلا يردن غيرهم .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : قَصَرْن أنفسَهنّ وأبصارهنّ على أزواجهنّ ، فلا يردن غيرهم .

حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا عبيد الله وابن اليمان ، عن أبي جعفر ، عن الربيع مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : قصرن طرفهنّ على أزواجهنّ .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن منصور ، عن مجاهد مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : قصرن أنفسهنّ وقلوبهنّ وأبصارهنّ على أزواجهنّ ، فلا يردن غيرهم .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : قصر طرفهنّ على أزواجهنّ فلا يردن غيرهم .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور عن مجاهد ، قوله : مَقْصُورَاتٌ قال : مقصورات على أزواجهنّ فلا يردن غيرهم .

وقال آخرون : عُنِي بذلك أنهنّ محبوسات في الحِجال . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : محبوسات في الخيام .

حدثنا جعفر بن محمد البزوري ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، بمثله .

حدثنا أبو هشام الرفاعيّ ، قال : حدثنا أبو نعيم ، عن إسرائيل ، عن مجاهد ، عن ابن عباس مَقْصُورَاتٌ قال : محبوسات .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، قال : أخبرنا أبو معشر السندي ، عن محمد بن كعب ، قال : محبوسات في الحِجال .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيام قال : لا يبرحن الخيام .

حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري ، قال : حدثنا عثام بن عليّ ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح ، في قوله : حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : عَذارَى الجنة .

حدثنا أبو كُرَيب وأبو هشام قالا : حدثنا عثام بن عليّ ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح ، مثله .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : مَقْصُورَاتٌ قال : المحبوسات في الخيام لا يخرجن منها .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : محبوسات ، ليس بطوّافات في الطرق .

والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن الله تبارك وتعالى وصفهنّ بأنهنّ مقصورات في الخيام والقصر : هو الحبس ولم يخصص وصفهنّ بأنهنّ محبوسات على معنى من المعنيين اللذين ذكرنا دون الاَخر بل عمّ وصفهنّ بذلك . والصواب أن يعمّ الخبر عنهنّ بأنهنّ مقصورات في الخيام على أزواجهنّ ، فلا يردن غيرهم ، كما عمّ ذلك .

وقوله : فِي الخِيامِ يعني بالخيام : البيوت ، وقد تسمي العرب هوادج النساء خياما ومنه قول لبيد :

شاقَتْكَ ظُعْنُ الحَيّ يَوْمَ تَحَمّلُوا *** فَتَكَنّسُوا قُطُنا تُصِرّ خِيامُها

وأما في هذه الاَية فإنه عُنِيَ بها البيوت . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا يحيى ، عن سعيد ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثنا عبد الملك بن ميسرة ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : الدرّ المجوّف .

حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا شعبة ، عن عبد الملك ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، مثله .

حدثني يحيى بن طلحة اليربوعيّ ، قال : حدثنا فضيل بن عياش ، عن هشام ، عن محمد ، عن ابن عباس في قوله : حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : الخيمة لؤلؤة أربعة فراسخ في أربعة فراسخ لها أربعة آلاف مصراع من ذهب .

حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا أبو نعيم ، عن إسرائيل ، عن مسلم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس فِي الخِيامِ قال : بيوت اللؤلؤ .

حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسيّ ، قال : حدثنا محمد بن عبيد ، قال : حدثنا إدريس الأودي ، عن شمر بن عطية ، عن أبي الأحوص ، قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أتدرون ما حور مقصورات في الخيام ؟ الخيام : درّ مجوّف .

قال : ثنا محمد بن عبيد ، قال : حدثنا مسعر ، عن عبد الملك ، عن أبي الأحوص ، في قوله : حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : درّ مجوّف .

وبه عن أبي الأحوص قال : الخيمة : درّة مجوّفة فرسخ في فرسخ ، لها أربعة آلاف مصراع من ذهب .

قال : ثنا أبو داود ، قال : حدثنا همام ، عن قتادة ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، قال : الخيمة في الجنة من درّة مجوّفة ، فرسخ في فرسخ لها أربعة آلاف مصراع .

حدثني أحمد بن المقدام ، قال : حدثنا المعتمر ، قال : سمعت أبي يحدّث ، عن قتادة ، عن خليد العصريّ قال : لقد ذكر لي أن الخيمة لؤلؤة مجوّفة لها سبعون مِصْراعا ، كلّ ذلك من درّ .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن موسى بن أبي عائشة ، عن سعيد بن جُبير أنه قال : الخيام : درّ مجوّف .

قال : ثنا يحيى ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : الخيام : درّ مجوّف .

حدثنا أبو هشام الرفاعي ، قال : حدثنا وكيع ويعلى عن منصور ، عن مجاهد : في الخيام : قال : الدرّ المجوف .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد فِي الخِيامِ قال : خيام درّ مجوّف .

قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن حرب بن بشير ، عن عمرو بن ميمون ، قال : الخيام : الخيمة : درّة مجوّفة .

حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا وكيع ، عن سَلَمة بن نُبَيط ، عن الضحاك ، قال : الخيمة : درّ مجوّفة .

حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا ابن اليمان ، عن أبي معشر ، عن محمد بن كعب فِي الخِيام : في الحجال .

قال : ثنا عبيد الله وابن اليمان ، عن أبي جعفر ، عن الربيع فِي الخِيامِ قال : في الحجال .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا حكام ، عن عمرو بن أبي قيس ، عن منصور ، عن مجاهد : في الخِيامِ قال : خيام اللؤلؤ .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد فِي الخِيامِ الخيام اللؤلؤ والفضة ، كما يقال والله أعلم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ ذُكر لنا أن ابن عباس كان يقول : الخيمة درّ مجوّفة ، فرسخ في فرسخ ، لها أربعة آلاف باب من ذهب .

وقال قتادة : كان يقال : مسكن المؤمن في الجنة ، يسير الراكب الجواد فيه ثلاث ليال وأنهاره وجنانه وما أعدّ الله له من الكرامة .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : قال ابن عباس : الخيمة : درّة مجوّفة ، فرسخ في فرسخ ، لها أربعة آلاف باب من ذهب .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال يقال : خيامهم في الجنة من لؤلؤ .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : الخيام : الدرّ المجوّف .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثني حِرْميّ بن عمارة ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرني عمارة ، عن أبي مجلز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قول الله : حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : «دُرّ مُجَوّفٌ » .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول كان ابن مسعود يحدّث ، عن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «هِيَ الدّرّ المُجَوّفُ » يعني الخيام في قوله : حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : في خيام اللؤلؤ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{حُورٞ مَّقۡصُورَٰتٞ فِي ٱلۡخِيَامِ} (72)

حور مقصورات في الخيام قصرن في خدورهن يقال امرأة قصيرة وقصورة ومقصورة أي مخدرة أو مقصورات الطرف على أزواجهن .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{حُورٞ مَّقۡصُورَٰتٞ فِي ٱلۡخِيَامِ} (72)

وقوله : { مقصورات } أي محجوبات . وكانت العرب تمدح النساء بملازمة البيوت ، ومنه قول الشاعر [ أبو قيس بن الأسلت ] : [ الطويل ]

وتعتل في إتيانهن فتعذر . . . {[10856]}

يصف أن جارتها يزرنها ولا تزورهن . ويروى أن بيت الأعشى قد ذم وهو قوله : [ البسيط ]

كأن مشيتها من بين جارتها . . . مر السحابة لا ريث ولا عجل{[10857]}

فقيل في ذمه : هذه جوالة خراجة ولاجة ، ومن مدح القصر قول كثير : [ الطويل ]

وأنت التي حببت كل قصيرة . . . إليّ ولم تشعر بذاك القصائر

أريد قصيرات الحجال ولم أرد . . . قصار الخطى شر النساء البحاتر{[10858]}

قال الحسن : { مقصورات في الخيام } ليس بطوافات في الطرق ، و { الخيام } : البيوت من الخشب والثمام{[10859]} وسائر الحشيش ، وهي بيوت المرتحلين من العرب ، وخيام الجنة بيوت اللؤلؤ . وقال عمر بن الخطاب : هي در مجوف . ورواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا كان بيت المسكين عند العرب من شعر فهو بيت ، ولا يقال له خيمة ، ومن هذا قول جرير : [ الوافر ]

متى كان الخيام بذي طلوح . . . سقيت الغيث أيتها الخيام{[10860]}

ومنه قول امرئ القيس : [ المتقارب ]

أمرخ خيامهم أم عشر ؟{[10861]}

يستفهم هل هم منجدون أم غائرون لأن العشر مما لا ينبت إلا في تهامة ، والمرخ مما لا ينبت إلا في نجد .


[10856]:هذا عجز بيت قاله أبو قيس بن الأسلت الأنصاري،والبيت بتمامه: وتكسل عن جارتها فيزرنها وتغفل عن إتيانها فتُعذر والكسل: التثاقل عن الأمر الذي لا ينبغي أن يتثاقل عنه، وتغفل: تسهو، والشاهد أن الشاعر يمدحها بذلك إذ ملازمة البيت تدل على الصيانة.
[10857]:قال الأعشى هذا البيت من قصيدته المعروفة التي بدأها بالحديث عن هريرة، فقال:"ودع هريرة إن الركب مُرتحل"، وقبله يقول: غراء فرعاء مصقول عوارضها تمشي الهُوينى كما يمشي الوجي الوحل فهو يصفها بأنها بيضاء، طويلة الشعر، لامعة الأسنان، تمشي ببطء كأن مشيتها حين تخرج من بيت جارتها مرور السحابة لا بطء فيها ولا سرعة، فهو يمشي هادئ رزين، ووجه النقد ذكره المؤلف وإن كان فيما قاله مبالغة، فإن كلمات "جوالة...الخ" جاءت في صيغة مبالغة لا تحتملها ألفاظ البيت، ومجرد الزيارة لجارتها لا يعطي هذه الأوصاف. والوجي هو الذي أصابه وجع في باطن رجله.
[10858]:هذا الوصف من كُثير يؤيد المعنى الذي ذكره ابن عطية وهو مدح القصر بمعنى الحَجب في البيت والمنع من الخروج، يقال: امرأة قصيرة وقَصورة بمعنى مقصورة في البيت ممنوعة من الخروج، وفي حديث أسماء الأشهلية:"إنا معشر النساء محصورات مقصورات"، والبيتان في اللسان والتاج، والرواية فيهما:"عنيت قصيرات الحِجال ولم أرد..."، وفي التهذيب:"قصورات الحجال"، وفي رواية الفراء للبيت الأول:"لعمري لقد حبّبت كل قصورة"، والبيتان أيضا في "القرطبي"و"البحر المحيط"، والحجال جمع حجلة وهي بيت يزين بالثياب والأسرة والستور، والبَحاتر جمع بُحترة-بضم الباء- وهي القصيرة المجتمعة الخلق.
[10859]:الثمام: عُشب من الفصيلة النجيلية يرتفع إلى مائة وخمسين سنتميترا، فروعه مزدحمة متجمعة، والنورة منه سنبلة مدلاة، وكانوا يستخدمونه في تغطية البيوت التي يصنعونها من فروع الشجر وأخشابه، قيل: كانوا يتخذون ثلاثة أعواد أو أربعة من الخشب ثم يضعون عليها الثمام.
[10860]:هذا مطلع قصيدة لجرير، والخيمة: بيت من بيوت الأعراب مستدير يبنيه الأعراب من عيدان الشجر، بحيث يقيمون ثلاثة أعواد أو أربعة وينثرون فوقها الثُّمام، ولهذا قال جرير بعد هذا البيت: تنكر من معارفها ومالت دعائمها وقد بلي الثُّمام وهو نبت تظل به الخيام. وذو الطلوح: مكان، يدعو لهذه الخيام إذا كانت في هذا المكان بالري والخير، قال بعض علماء اللغة:"كأنه لم يكن بذي طلوح خيام قط"، وجرير يقول عنها خيام لأنها لم تصنع من شعر، بل أقيمت من خشب وحشيش.
[10861]:هذا صدر بيت قاله امرؤ القيس من قصيدة له يصف فرسه وخروجه إلى الصيد، والبيت بتمامه: أم مرخ خيامهم أم عُشُر أم القلب في إثرهم منحدر؟ والمرخ: شجر قصير ويكثر في نجد، والعُشُر: شجر طويل ويكثر بالغور، والشاعر يستفهم كما قال ابن عطية، والشاهد أن الشاعر تحدث عن الخيمة التي تصنع من أشجار المرخ أو العُشُر ولم تصنع من شعر.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{حُورٞ مَّقۡصُورَٰتٞ فِي ٱلۡخِيَامِ} (72)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم نعتهن، فقال: {حور مقصورات في الخيام} يعني بالحوراء البيضاء، وبالمقصورات المحبوسات على أزواجهن في الخيام، يعني الدر المجوف الدرة الواحدة مثل القصر العظيم...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره مخبرا عن هؤلاء الخيرات الحسان" حُورٌ "يعني بقول حور: بِيض، وهي جمع حوراء، والحوراء: البيضاء...

وأما قوله: "مَقْصُورَاتٌ" فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله؛ فقال بعضهم: تأويله أنهنّ قُصِرْن على أزواجهنّ، فلا يبغين بهم بدلاً، ولا يرفعن أطرافهنّ إلى غيرهم من الرجال...

وقال آخرون: عُنِي بذلك أنهنّ محبوسات في الحِجال...

والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله تبارك وتعالى وصفهنّ بأنهنّ مقصورات في الخيام والقصر: هو الحبس، ولم يخصص وصفهنّ بأنهنّ محبوسات على معنى من المعنيين اللذين ذكرنا دون الآخر بل عمّ وصفهنّ بذلك، والصواب أن يعمّ الخبر عنهنّ بأنهنّ مقصورات في الخيام على أزواجهنّ، فلا يردن غيرهم، كما عمّ ذلك.

وقوله: "فِي الخِيامِ" يعني بالخيام: البيوت، وقد تسمي العرب هوادج النساء خياما...عن ابن عباس "فِي الخِيامِ" قال: بيوت اللؤلؤ.

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

{حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ}...

يُقال للمرأة: قصيرة وقصورة ومقصورة إذا كانت مخدّرة مستورة لا تخرج.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

...وهُنَّ لِمَنْ هو مقصورٌ الجوارح عن الزَّلاَّت، مقصورُ القلب عن الغفلات، مقصور السِّرِّ عن مساكنة الأشكال والأعلال والأشباه والأمثال.

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

(حور مقصورات في الخيام) أي: محبوسات، وليس هذا الحبس إهانة، إنما هو حبس الكرامة. وقال بعضهم: الخيمة بمعنى القبة، وهي قباب العرب التي كانوا يسكنونها في البادية، فذكر لهم مثل ما كانوا يستلذونها ويستطيبونها، وقد كانوا يستطيبون السكنى في الخيام في البوادي..

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{مقصورات}...وكانت العرب تمدح النساء بملازمة البيوت.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

إشارة إلى عظمتهن فإنهن ما قصرن حجرا عليهن، وإنما ذلك إشارة إلى ضرب الخيام لهن وإدلاء الستر عليهن، والخيمة مبيت الرجل كالبيت من الخشب، حتى إن العرب تسمي البيت من الشعر خيمة لأنه معد للإقامة، إذا ثبت هذا فنقول: قوله: {مقصورات في الخيام} إشارة إلى معنى في غاية اللطف، وهو أن المؤمن في الجنة لا يحتاج إلى التحرك لشيء وإنما الأشياء تتحرك إليه فالمأكول والمشروب يصل إليه من غير حركة منه، ويطاف عليهم بما يشتهونه فالحور يكن في بيوت، وعند الانتقال إلى المؤمنين في وقت إرادتهم تسير بهن للارتحال إلى المؤمنين خيام وللمؤمنين قصور تنزل الحور من الخيام إلى القصور...

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

أي: محبوسات في خيام اللؤلؤ، قد تهيأن وأعددن أنفسهن لأزواجهن، ولا ينفي ذلك خروجهن في البساتين ورياض الجنة، كما جرت العادة لبنات الملوك ونحوهن المخدرات الخفرات...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

ووصف نساء الجنتين الأوليين {بقاصرات الطرف}. ووصف نساء الجنات الأربع بأنهن {حور مقصورات} في الخيام، فعلم أن الصفات الثابتة لنساء الجنتين واحدة. والمقصورات: اللاَّءِ قُصِرت على أزواجهن لا يعدون الأنس مع أزواجهن، وهو من صفات الترف في نساء الدنيا فهنّ اللاء لا يحتجن إلى مغادرة بيوتهن لخدمة أو وِرد أو اقتطاف ثمار، أي هن مخدومات مكرمات.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

و «الخيمة» كما ذكر علماء اللغة وبعض المفسّرين لا تطلق على الخيم المصنوعة من القماش المتعارف فحسب. بل تطلق أيضاً على البيوت الخشبية وكذلك كلّ بيت دائري. وقيل أنّها تطلق على كلّ بيت لم يكن من الحجر وأشباهه.