جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (10)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَإِذَا قُضِيَتِ الصّلاَةُ فَانتَشِرُواْ فِي الأرْضِ وَابْتَغُواْ مِن فَضْلِ اللّهِ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لّعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ } .

يقول تعالى ذكره : فإذا قُضيت صلاة الجمعة يوم الجمعة ، فانتشروا في الأرض إن شئتم ، ذلك رخصة من الله لكم في ذلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حصين ، عن مجاهد أنه قال : هي رخصة ، يعني قوله : فإذَا قُضِيَتِ الصّلاةُ فانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : فإذَا قُضِيَتِ الصّلاةُ فانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ قال : هذا إذن من الله ، فمن شاء خرج ، ومن شاء جلس .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : أذن الله لهم إذا فرغوا من الصلاة ، فإذَا قُضِيَتِ الصّلاةُ فانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللّهِ فقد أحللته لكم .

وقوله : وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللّهِ . ذُكر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في تأويل ذلك ما :

حدثني العباس بن أبي طالب ، قال : حدثنا عليّ بن المعافى بن يعقوب الموصليّ ، قال : حدثنا أبو عامر الصائغ من الموصل ، عن أبي خلف ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله فإذَا قُضِيَتِ الصّلاةُ فانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللّهِ قال : «لَيْسَ لِطَلَبِ دْنُيا ، وَلَكِنْ عِيادَةُ مَرِيضٍ ، وَحُضُورُ جَنازَةٍ ، وَزِيارَةُ أخٍ فِي اللّهِ » .

وقد يحتمل قوله : وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللّهِ أن يكون معنيا به : والتمسوا من فضل الله الذي بيده مفاتيح خزائنه لدنياكم وآخرتكم .

وقوله : وَاذْكُرُوا الله كَثِيرا لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ يقول : واذكروا الله بالحمد له ، والشكر على ما أنعم به عليكم من التوفيق لأداء فرائضه ، لتفلحوا ، فتدركوا طلباتكم عند ربكم ، وتصلوا إلى الخلد في جناته .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (10)

فإذا قضيت الصلاة أديت وفرغ منها فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله إطلاق لما حظر عليهم واحتج به من جعل الأمر بعد الحظر للإباحة وفي الحديث ابتغوا من فضل الله ليس بطلب الدنيا وإنما هو عيادة مريض وحضور جنازة وزيارة أخ في الله واذكروا الله كثيرا واذكروه في مجامع أحوالكم ولا تخصوا ذكره بالصلاة لعلكم تفلحون بخير الدارين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (10)

وقوله : { فانتشروا } أجمع الناس على أن مقتضى هذا الأمر الإباحة ، وكذلك قوله تعالى : { وابتغوا من فضل الله } أنه الإباحة في طلب المعاش ، وأن ذلك مثل قوله تعالى :

{ وإذا حللتم فاصطادوا }{[11097]} [ المائدة : 2 ] إلا ما روي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «ذلك الفضل المبتغى هو عيادة مريض أو صلة صديق أو اتباع جنازة »{[11098]} .

قال القاضي أبو محمد : وفي هذا ينبغي أن يكون المرء بقية يوم الجمعة{[11099]} ، ويكون نحوه صبيحة يوم السبت ، قاله جعفر بن محمد الصادق ، وقال مكحول : الفضل المبتغي العلم ، فينبغي أن يطلب إثر الجمعة .


[11097]:من الآية (2) من سورة (المائدة).
[11098]:أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره عن أنس رضي الله عنه.
[11099]:يعني: ينبغي أن يكون في عيادة المريض أو صلة الصديق أو اتباع الجنازة أو ما شابه ذلك من الفضل.