جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلۡأَمۡثَٰلَ فَضَلُّواْ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ سَبِيلٗا} (9)

القول في تأويل قوله تعالى : { انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأمْثَالَ فَضَلّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً * تَبَارَكَ الّذِيَ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مّن ذَلِكَ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ وَيَجْعَل لّكَ قُصُوراً } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : انظر يا محمد إلى هؤلاء المشركين الذين شبهوا لك الأشباه بقولهم لك : هو مسحور ، فضلّوا بذلك عن قصد السبيل وأخطئوا طريق الهُدَى والرشاد فلا يَسْتَطِيعُونَ يقول : فلا يجدون سَبِيلاً إلى الحقّ ، إلاّ فيما بعثتك به ، ومن الوجه الذي ضلوا عنه .

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : ثني محمد بن أبي محمد ، عن سعيد بن جُبير ، أو عكرمة ، عن ابن عباس : انْظُرْ كَيْف ضَرَبُوا لَكَ الأمْثالَ فَضَلّوا فَلا يَسْتَطيعُونَ سَبِيلاً أي التمسوا الهدى في غير ما بعثتك به إليهم فضلوا ، فلن يستطيعوا أن يصيبوا الهُدَى في غيره . وقال آخرون في ذلك ما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : فلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً قال : مَخْرجا يخرجهم من الأمثال التي ضربوا لك .