تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلۡأَمۡثَٰلَ فَضَلُّواْ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ سَبِيلٗا} (9)

[ الآية 9 ] : وقوله تعالى : { انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا } ؟ فتأويله ، والله أعلم ، أي انظر إلى سفههم أن { كيف ضربوا لك الأمثال } وشبهوك بها ؟ نسبوك مرة إلى السحر ، وقالوا : إنك ساحر ، ومرة إلى الجنون ، وقالوا : إنك مجنون ، ومرة إلى الكذب حين{[14335]} قالوا : { بل هو كذاب أشر } [ القمر : 25 ] ونحو هذا مما كانوا ينسبونه إليه .

فيقول ، والله أعلم : انظر إلى سفههم أن { كيف ضربوا لك الأمثال } ونسبوك إلى ما ذكروا ، وعلى علم منهم أنك لست كذلك ، ولا على ذلك ، وإنك على الحق ، وهم على باطل وكذب ، أو يكون قوله : { انظر كيف ضربوا لك الأمثال } ؟ ما قالوا : { لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا } { أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها } وأمثال ما سألوا ، وقالوا{[14336]} : لو كان يقول : إنه رسول لكان ذلك له أعلام الرسالة وأمارات صدقه ، فيخبر أن الأعلام والآيات ليست تأتي على شهوات سؤال المعاندين وأمانيهم .

ولكن إنما تجيء على ما توجبه الحكمة ما يدل على صدق ما ادعى ، ويظهر كذب من عاند ، وتولى . وقد أتاهم بحمد الله بحجج وبراهين ما أظهر لهم صدق ما ادعى من الرسالة والنبوة ، ولكنهم عاندوها ، وكابروا ، فلم يقروا بها خوفا أن تذهب عنهم رئاستهم .

وقوله تعالى : { فضلوا } لا شك أنهم قد ضلوا عن الهدى ، أي عدلوا بضربهم الأمثال له ونسبهم إياه إلى ما نسبوه إليه { فلا يستطيعون سبيلا } إلى الهدى أو إلى ما سألوا من الأشياء .

وفي حرف حفصة : فلا يهتدون سبيلا . وقال بعضهم : فلا يستطيعون مخرجا من الأمثال التي ضربوها لك ، والله أعلم .


[14335]:- في الأصل وم: حيث.
[14336]:- في الأصل وم: فيقولون.