جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{فَـَٔاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ ثَوَابَ ٱلدُّنۡيَا وَحُسۡنَ ثَوَابِ ٱلۡأٓخِرَةِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (148)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الاَخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبّ الْمُحْسِنِينَ }

يعني بذلك تعالى ذكره : فأعطى الله الذين وصفهم بما وصفهم من الصبر على طاعة الله بعد مقتل أنبيائهم ، وعلى جهاد عدوّهم ، والاستعانة بالله في أمورهم ، واقتفائهم مناهج إمامهم ، على ما أبلوا في الله { ثَوَابَ الدّنْيَا } يعني : جزاء في الدنيا ، وذلك النصر على عدوّهم وعدوّ الله ، والظفر والفتح عليهم ، والتمكين لهم في البلاد¹ { وَحُسْنَ ثَوَابِ الاَخِرَةِ } يعني : وخير جزاء الاَخرة ، على ما أسلفوا في الدنيا من أعمالهم الصالحة ، وذلك الجنة ونعيمها . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَما كانَ قَوْلَهُمْ إلاّ أنْ قالُوا رَبّنا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا } فقرأ حتى بلغ : { وَاللّهُ يُحِبّ المُحْسِنِينَ } : أي والله لاَتاهم الله الفتح والظهور والتمكين والنصر على عدوّهم في الدنيا ، { وَحُسْنَ ثَوَابِ الاَخِرَةِ } يقول : حسن الثواب في الاَخرة : هي الجنة .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، قوله : { وَما كانَ قَوْلَهُمْ } ثم ذكر نحوه .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، في قوله : { فَآتاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدّنْيا } قال : النصر والغنيمة ، { وَحُسْنَ ثَوَابِ الاَخِرَةِ } قال : رضوان الله ورحمته .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { فآتاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدّنْيا } : حسن الظهور على عدوّهم ، { وَحُسْنَ ثَوَابِ الاَخِرَةِ } : الجنة ، وما أعدّ فيها . وقوله : { وَاللّهُ يُحِبّ المُحْسِنِينَ } يقول تعالى ذكره : فعل الله ذلك بإحسانهم ، فإنه يحب المحسنين ، وهم الذين يفعلون مثل الذي وصف عنهم تعالى ذكره أنهم فعلوه حين قتل نبيهم .