جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَإِنَّهُۥ لَعِلۡمٞ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمۡتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ} (61)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِنّهُ لَعِلْمٌ لّلسّاعَةِ فَلاَ تَمْتَرُنّ بِهَا وَاتّبِعُونِ هََذَا صِرَاطٌ مّسْتَقِيمٌ * وَلاَ يَصُدّنّكُمُ الشّيْطَانُ إِنّهُ لَكُمْ عَدُوّ مّبِينٌ } .

اختلف أهل التأويل في الهاء التي في قوله : وإنّهُ وما المعنيّ بها ، ومن ذكر ما هي ، فقال بعضهم : هي من ذكر عيسى ، وهي عائدة عليه . وقالوا : معنى الكلام : وإن عيسى ظهوره علم يعلم به مجيء الساعة ، لأن ظهوره من أشراطها ونزوله إلى الأرض دليل على فناء الدنيا ، وإقبال الاَخرة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن يحيى ، عن ابن عباس ، «وَإنّهُ لَعَلَمٌ للِسّاعَةِ » قال : خروج عيسى بن مريم .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن شعبة ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس بمثله ، إلا أنه قال : نزول عيسى بن مريم .

حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسيّ ، قال : حدثنا غالب بن قائد ، قال : حدثنا قيس ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس ، أنه كان يقرأ «وَإنّهُ لَعَلَمٌ للسّاعَةِ » قال : نزول عيسى بن مريم .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن عطية ، عن فضيل بن مرزوق ، عن جابر ، قال : كان ابن عباس يقول : ما أدري علم الناس بتفسير هذه الاَية ، أم لم يفطنوا لها ؟ «وَإنّهُ لَعَلَمٌ للسّاعَةِ » قال : نزول عيسى ابن مريم .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : «وَإنّهُ لَعَلَمٌ للسّاعَةِ » قال : نزول عيسى ابن مريم .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حصين ، عن أبي مالك وعوف عن الحسن أنهما قالا في قوله : وَإنّهُ لَعِلْمٌ للسّاعَةِ قالا : نزول عيسى ابن مريم وقرأها أحدهما «وإنّهُ لَعَلَمٌ للسّاعَةِ » .

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَإنّهُ لَعِلْمٌ للسّاعَةِ قال : آية للساعة خروج عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة «وَإنّهُ لَعَلَمٌ للسّاعَةِ قال : نزول عيسى ابن مريم علم للساعة : القيامة .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : «وَإنّهُ لَعَلَمٌ للسّاعَة » قال : نزول عيسى ابن مريم علم للساعة .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ وَإنّهُ لَعِلْمٌ للسّاعَةِ قال : خروج عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَإنّهُ لَعِلْمٌ للسّاعَةِ يعني خروج عيسى ابن مريم ونزوله من السماء قبل يوم القيامة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَإنّهُ لَعِلْمٌ للسّاعَة قال : نزول عيسى ابن مريم علم للساعة حين ينزل .

وقال آخرون : الهاء التي في قوله : وَإنّهُ من ذكر القرآن ، وقالوا : معنى الكلام : وإن هذا القرآن لعلم للساعة يعلمكم بقيامها ، ويخبركم عنها وعن أهوالها . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : كان الحسن يقول : «وَإنّهُ لَعَلَمٌ للسّاعَةِ » هذا القرآن .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال : كان ناس يقولون : القرآن علم للساعة . واجتمعت قرّاء الأمصار في قراءة قوله : وَإنّهُ لَعِلْمٌ للسّاعَةِ على كسر العين من العلم . ورُوي عن ابن عباس ما ذكرت عنه في فتحها ، وعن قتادة والضحاك .

والصواب من القراءة في ذلك : الكسر في العين ، لإجماع الحجة من القرّاء عليه . وقد ذُكر أن ذلك في قراءة أُبيّ ، وإنه لذكر الساعة ، فذلك مصحح قراءة الذين قرأوا بكسر العين من قوله : لَعِلْمٌ .

وقوله : فَلا تَمْتَرُنّ بِها يقول : فلا تشكنّ فيها وفي مجيئها أيها الناس . كما :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ فَلا تَمْتَرُنّ بِها قال : تشكون فيها .

وقوله : وَاتّبِعُونِ يقول تعالى ذكره : وأطيعون فاعملوا بما أمرتكم به ، وانتهوا عما نهيتكم عنه ، وَهَذا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ يقول : اتباعكم إياي أيها الناس في أمري ونهيي صراط مستقيم ، يقول : طريق لا اعوجاج فيه ، بل هو قويم .