التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ يَرۡجُونَ تِجَٰرَةٗ لَّن تَبُورَ} (29)

ثم مدح - سبحانه - المكثرون من تلاوة كتابه ، المحافظين على أداء فرائضه فقال : { إِنَّ الذين يَتْلُونَ كِتَابَ الله . . . } .

أى : إن الذين يداومون على قراءة القرآن الكريم بتدبر لمعانيه ، وعمل بتوجيهاته ، { وَأَقَامُواْ الصلاة } بأن أدوها فى مواقيتها بخشوع وإخلاص .

{ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً } أى : وبذلوا مما رزقناكم من خيرات ، تارة فى السر وتارة فى العلانية .

وجملة { يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ } فى محل رفع خبر إن . والمراد بالتجارة : ثواب الله - تعالى - ومغفرته .

وقوله : { تَبُورَ } بمعنى تكسد وتهلك .

يقال : بار الشئ يبور بورا وبوارا ، إذا هلك وكسد .

أى : هؤلاء الذين يكثرون من قراءة القرآن الكريم ، ويؤدون ما أوجبه الله - تعالى - عليهم ، يرجون من الله - تعالى الثواب الجزيل ، والربح الدائم ، لأنهم جمعوا فى طاعتهم له - تعالى - بين الإِكثار من ذكره ، وبين العبادات البدنية والمالية .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ يَرۡجُونَ تِجَٰرَةٗ لَّن تَبُورَ} (29)

قال مطرف بن عبد الله بن الشخير هذه آية القراء وهذا على أن { يتلون } بمعنى يقرؤون وإن جعلناها بمعنى يتبعون صح معنى الآية{[9724]} ، وكانت في القراء وغيرهم ممن اتصف بأوصاف الآية ، و { كتاب الله } هو القرآن ، وإقامة الصلاة إقامتها بجميع شروطها ، والنفقة هي في الصدقات ووجوه البر ، فالسر من ذلك هو التطوع والعلانية هو المفروض ، و { يرجون } جملة في موضع خبر { إن } ، و { تبور } معناه تكسد ويتعذر ربحها ، ويقال تعوذوا بالله من بوار الأيم{[9725]} .


[9724]:في بعض النسخ:"صح معنى القراءة".
[9725]:الأيم: المرأة التي لا زوج لها وهي مع ذلك لا يرغب فيها أحد، وبوارها: كسادها، بمعنى أن تبقى في بيتها لا يخطبها خاطب، من قولهم: بارت السوق إذا كسدت. والبور: الأرض التي لم تزرع والمعامي المجهولة والأغفال ونحوها، وفي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لأكيدر دومة:(ولكم البور والمعامي وأغفال الأرض)، وهو بالفتح مصدر وصف به، ويروى بالضم وهو البوار، أي الأرض الخراب.