التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَإِنِ ٱسۡتَكۡبَرُواْ فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُۥ بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمۡ لَا يَسۡـَٔمُونَ۩} (38)

ثم بين - سبحانه - أن استكبار الجاهلين عن عبادة الله - تعالى - وحده ، لن ينقص من ملكه شيئا فقال : { فَإِنِ استكبروا فالذين عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بالليل والنهار وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ } .

أى : فإن تكبر هؤلاء الكافرون عن إخلاص العبادة لله - تعالى - فلا تحزن أيها الرسول الكريم - فإن الذين عند ربك من الملائكة . ينزهونه - تعالى - ويعبدونه عبادة دائمة بالليل والنهار وهم لا يسأمون ولا يملون ، لاستلذاذهم لتلك العبادة والطاعة ، وخوفهم من مخالفة أمره - عز وجل - .

فالآية الكريمة تهون من شأن هؤلاء الكافرين ، وتبين أنه - تعالى - فى غنى عنهم وعن عبادتهم ؛ لأن عنده من مخلوقاته الكرام من يعبده بالليل والنهار بدون سأم أو كلل .

والمراد بالعندية فى قوله - تعالى - { عِندَ رَبِّكَ } عندية المكانة والتشريف لا عندية المكان .

وقوله { فَإِنِ استكبروا فالذين عِندَ رَبِّكَ } تعليل لجواب الشرط المقدر ، أى : فإن استكبروا فدعهم وشأنهم فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { وَلَهُ مَن فِي السماوات والأرض وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ . يُسَبِّحُونَ الليل والنهار لاَ يَفْتُرُونَ }

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَإِنِ ٱسۡتَكۡبَرُواْ فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُۥ بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمۡ لَا يَسۡـَٔمُونَ۩} (38)

ثم خاطب تعالى بما يتضمن وعيدهم وحقارة أمرهم ، وأن الله تعالى غير محتاج إلى عبادتهم بقوله : { فإن استكبروا } الآية .

وقوله : { فالذين } يعني بهم الملائكة هم صافون يسبحون . و : { عند } في هذه الآية ليست بظرف مكان وإنما هي بمعنى المنزلة والقربة ، كما تقول زيد عند الملك جليل وفي نفسه رفيع . ويروى أن تسبيح الملائكة قد صار لهم كالنفس لابن آدم . و : { يسئمون } معناه : يميلون .