السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَإِنِ ٱسۡتَكۡبَرُواْ فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُۥ بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمۡ لَا يَسۡـَٔمُونَ۩} (38)

{ فإن استكبروا } أي : أوجدوا التكبر عن اتباعك فيما أمرتهم به من التوحيد فلم ينزهوا الله تعالى عن الشريك { فالذين عند ربك } أي : من الملائكة ، قال الرازي : ليس المراد بهذه العندية : قرب المكان بل كما يقال عن الملك من الجند كذا وكذا ، ويدل عليه قوله تعالى : «أنا عند ظن عبدي بي » ، { وأنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي } { يسبحون له بالليل والنهار } أي : دائماً لقوله تعالى : { وهم لا يسأمون } أي : لا يملون ولقوله سبحانه وتعالى : { يسبحون الليل والنهار لا يفترون } ( الأنبياء : 20 ) ، فإن قيل : اشتغالهم بهذا العمل على الدوام يمنعهم من الاشتغال بسائر الأعمال مع أنهم ينزلون إلى الأرض كما قال تعالى { نزل به الروح الأمين ( 193 ) على قلبك } ( الشعراء : 193 194 ) وقال تعالى عن الذين قاتلوا يوم بدر { يُمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين } ( آل عمران : 125 ) ؟ أجيب : بأن الذين ذكرهم الله تعالى ههنا بكونهم مواظبين على التسبيح أقوام معينون من الملائكة .

تنبيه : اختلف في مكان السجدة فقيل : هو عند قوله تعالى : { إياه تعبدون } وهو قول ابن مسعود والحسن رضي الله عنهما حكاه الرافعي عن أبي حنيفة وأحمد رضي الله تعالى عنهما لأنه ذكر السجدة قبيله ، والصحيح عند الشافعي رضي الله تعالى عنه عند قوله تعالى { لا يسأمون } وهو قول ابن عباس وابن عمر وسعيد بن المسيب وقتادة وحكاه الزمخشري عن أبي حنيفة رضي الله عنه لأن عنده تم الكلام .