قوله : { فَإِنِ استكبروا } أي عن السجود { فالذين عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بالليل والنهار وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ } لا يَمَلُّونَ .
فإن قيل : إن الذين يسجدون للشمس والقمر يقولون نحن أقلّ وأذلّ من أن يحصُل لنا أهليَّةٌ لعبادة الله تعالى ولكنا عبيدٌ للشمس والقمر وهما عبدان لله تعالى ، وإذا كان قولهم هكذا فكيف يليق بهم أنهم استكبروا عن السجود لله تعالى ؟ ! .
فالجواب : ليس المراد من الاستكبار ههنا ما ذكرتم بل المراد استكبارهُم عن قول قولك يا محمد بالنهي عن السجود للشمس والقمر{[48867]} .
قال ابن الخطيب ليس المراد بهذه العِنديَّة قرب المكان ، بل يقال : عند المَلِك من الجُند كذا وكذا ، ويدل عليه قوله : «أنا عِنْدَ ظَنَّ عَبْدِي بِي »{[48868]} وأنا عِنْدَ المُنْكَسِرَة قُلُوبُهُم من أجلي في مقعدٍ صدقٍ عند ملكٍ مُقتدرٍ ، ويقال : عند الشافعي : أنَّ المُسْلم لا يُقْتَلُ بالذِّمِّيِّ .
دلَّت هذه الآية على أن المَلِكَ أفضل من البشر ؛ لأنه إنما يُسْتَدَلُّ بحال الأعلى على الأدنى فيقال : هؤلاء القوم{[48869]} إن استكبروا عن طاعة فلان ، فالأكابر يخدمونه .
فإن قيل : وصف الملائكة بأنهم يسبحون له بالليل والنهار لا يفترون ، وهذا يدل على مواظبتهم على التسبيح لا ينفكون عنه لحظةً واحدة كما قال : { يُسَبِّحُونَ الليل والنهار لاَ يَفْتُرُونَ } [ الأنبياء : 20 ] واشتغالهم بهذا العمل على سبيل الدوام يمنعهم من الاشتغال بسائر الأعمال لكنهم ينزلون على الأرض ، كما قال تعالى { نَزَلَ بِهِ الروح الأمين على قَلْبِكَ } [ الشعراء : 193 - 194 ] وقال { وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ } [ الحجر : 51 ] وقال { عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ } [ التحريم : 6 ] وقال عن الذين قاتلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر { يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاف مِّنَ الملائكة مُسَوِّمِينَ } [ آل عمران : 125 ] .
فالجواب : أن الذين ذكرهم الله ههنا بكونهم مواظبين على التسبيح أقوام مُعيَّنُونَ من الملائكة .
اختلفوا في مكان السجدة فقال الشافعي رحمهُ الله هو عند قوله تعالى «إِيَّاهنُ تَعْبُدُونَ »{[48870]} وقال أبو حنيفة رضي الله : هو عند قوله تعالى «وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ »{[48871]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.