ثم إنه تعالى لما أمر بالسجود قال بعده { فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون } وفيه سؤالات :
السؤال الأول : إن الذين يسجدون للشمس والقمر يقولون نحن أقل وأذل من أن يحصل لنا أهلية عبودية الله تعالى ، ولكنا عبيد للشمس وهما عبدان لله ، وإذا كان قول هؤلاء هكذا ، فكيف يليق أن يقال إنهم استكبروا عن السجود لله ؟ والجواب : ليس المراد من لفظ الاستكبار ما ذكرتم ، بل المراد فإن استكبروا عن قبول قولك يا محمد في النهي عن السجود للشمس والقمر .
السؤال الثاني : أن المشبهة تمسكوا بقوله { فالذين عند ربك } في إثبات المكان والجهة لله تعالى والجواب : أنه يقال عند الملك من الجند كذا وكذا ، ولا يراد به قرب المكان . فكذا هاهنا . ويدل عليه قوله «أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا عند المنكسرة قلوبهم لأجلي ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر » ويقال عند الشافعي رضي الله عنه إن المسلم لا يقتل بالذمي .
السؤال الثالث : هل تدل هذه الآية على أن الملك أفضل من البشر ؟ الجواب : نعم ، لأنه إنما يستدل بحال الأعلى على حال الأدون ، فيقال هؤلاء الأقوام إن استكبروا عن طاعة فلان فالأكابر يخدمونه ويعترفون بتقدمه ، فثبت أن هذا النوع من الاستدلال إنما يحسن بحال الأعلى على حال الأدون .
السؤال الرابع : قال هاهنا في صفة الملائكة { يسبحون له بالليل والنهار } فهذا يدل على أنهم مواظبون على التسبيح ، لا ينفكون عنه لحظة واحدة ، واشتغالهم بهذا العمل على سبيل الدوام يمنعهم من الاشتغال بسائر الأعمال ككونهم ينزلون إلى الأرض كما قال : { نزل به الروح الأمين * على قلبك } وقال : { ونبئهم عن ضيف إبراهيم } وقوله تعالى : { عليها ملائكة غلاظ شداد } الجواب : أن الذين ذكرهم الله تعالى هاهنا بكونهم مواظبين على التسبيح أقوام معينون من الملائكة وهم الأشراف الأكابر منهم ، لأنه تعالى وصفهم بكونهم عنده ، والمراد من هذه العندية كمال الشرف والمنقبة ، وهذا لا ينافي كون طائفة أخرى من الملائكة مشتغلين بسائر الأعمال ، فإن قالوا هب أن الأمر كذلك إلا أنهم لا بد وأن يتنفسوا ، فاشتغالهم بذلك التنفس يصدهم عن تلك الحالة من التسبيح قلنا كما أن التنفس سبب لصلاح حال الحياة بالنسبة إلى البشر فذكر الله تعالى سبب لصلاح حالهم في حياتهم ، ولا يجب على العاقل المنصف أن يقيس أحوال الملائكة في صفاء جوهرها وإشراق ذواتها واستغراقها في معارج معارف الله بأحوال البشر ، فإن بين الحالتين بعد المشرقين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.