الآية 38 [ وقوله تعالى ]{[18526]} : { فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا } قد ذكرنا في ما تقدم أن لا أحد يقصد قصد الاستكبار على الله . ثم يخرّج ذلك على وجهين :
أحدهما : أنهم قد أُمروا بطاعة الرسل عليهم السلام فاستكبروا على الائتمار لهم لمّا دعوهم إليه ، فيصير استكبارهم عليه كالاستكبار{[18527]} على الله تعالى .
والثاني : لما تركوا عبادة الله تعالى [ وقد ]{[18528]} جعل في أنفسهم دلالة العبادة لله تعالى ، فإذا تركوا العبادة لله تعالى فقد تركوا الائتمار بأمره ، لم يعتقدوا الائتمار لذلك الأمر ، فيكون [ ذلك ]{[18529]} استكبارا عليه ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ } [ يحتمل وجهين :
أحدهما : إن ]{[18530]} استكبر هؤلاء على عبادة الله تعالى ، فأوحشك ذلك ، فاذكر من عنده من الملائكة { يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ } حتى تستأنس بذلك ، والله أعلم . وهو كقوله : { ولقد استُهزئ برسل من قبلك } [ الأنعام : 10 ] كان مُستوحِشًا باستهزائهم به ، فذكر له استهزاء أولئك بإخوانه ليقل ذلك فيه ويعلم{[18531]} أنه ليس أول من استُهزئ به . فهذا مثله .
والثاني : وإن استكبر هؤلاء على عبادة الله ، وقد عبدوا الملائكة والأصنام وغيرهم ، فالذين عند ربهم ممن عبدهم هؤلاء لم يستكبروا ، بل هم مسبّحون { له بالليل والنهار وهم لا يسئمون } وهو كقوله{[18532]} تعالى : { أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة } الآية { الإسراء : 57 ] وكقوله تعالى : { لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ } [ النساء : 172 ] يقول : لن يستنكف هؤلاء عن أن يكونوا عبيدا لله ، فالمسيح ومن ذكر لم يستنكفوا عن ذلك .
وقوله تعالى : { وهم لا يسئمون } يخبر أنهم لا يسأمون عن عبادته كما يسأم البشر أحيانا عن عبادته ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.