التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِن يَسۡـَٔلۡكُمُوهَا فَيُحۡفِكُمۡ تَبۡخَلُواْ وَيُخۡرِجۡ أَضۡغَٰنَكُمۡ} (37)

ثم أشار - سبحانه - إلى جانب من حكمته فى تشريعاته فقال : { إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ } .

وقوله { يُحْفِكُمْ } من الإِحفاء بمعنى الإِلحاف : وهو المبالغة فى الطلب . ييقال : أحفاه فى المسألة ، إذا ألح عليه فى طلبها إلحاحا شديدا ، ومنه قوله - تعالى - { لاَ يَسْأَلُونَ الناس إِلْحَافاً } وأصله من أحفيت البعير ، إذا أرهقته فى المشى حتى انبرى ورق خفه .

أى : إن يكلفكم بأخراج جميع أموالكم ، ويبالغ فى طلب ذلك منكم ، تبخلوا بها فلا تعطوها ، وبذلك { يُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ } أى : يظهر أحقادكم وكراهيتكم لهذا التكليف ، لأن حبكم الجم للمال يجعلكم تكرهون كل تشريع يأمركم بإخراج جميع أموالكم .

فقوله { فَيُحْفِكُمْ } عطف على فعل الشرط ، وقوله { تَبْخَلُواْ } جواب الشرط ، وقوله : { وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ } معطوف على هذا الجواب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِن يَسۡـَٔلۡكُمُوهَا فَيُحۡفِكُمۡ تَبۡخَلُواْ وَيُخۡرِجۡ أَضۡغَٰنَكُمۡ} (37)

ثم قال تعالى منبهاً على خلق ابن آدم { إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا } والإحفاء هو أشد السؤال وهو المخجل المخرج ما عند المسؤول كرهاً ، ومنه حفاء الرجل . والتحفي من البحث عن الشيء . وقوله : { تبخلوا } جزم على جواب شرط .

وقرأ جمهور القراء : «ويخرجْ » جزماً على { تبخلوا } . وقرأ عبد الوارث عن أبي عمرو : «ويخرجُ » بالرفع على القطع ، بمعنى هو يخرج ، وحكاها أبو حاتم عن عيسى وقرأت فرقة : { و } بالنصب على معنى : يكن بخل وإخراج ، فلما جاءت العبارة بفعل دل على أن التي مع الفعل بتأويل المصدر الذي هو الإخراج ، والفاعل في قوله : { ويخرج } على كل الاختلافات يحتمل أن يكون الله ، ويحتمل أن يكون البخل الذي تضمنه اللفظ ، ويحتمل أن يكون السؤال الذي يتضمنه اللفظ أيضاً . وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن سيرين وابن محيصن وأيوب : «يخرج » بفتح الياء «أضغانُكم » رفعاً على أنها فاعلة وروي عنهم : «وتُخرَج » بضم التاء وفتح الراء على ما لم يسم فاعله .

وقرأ يعقوب : «ونُخرِج » بضم النون وكسر الراء «أضغانَكم » نصباً . والأضغان كما قلنا معتقدات السوء ، وهذا الذي كان يخاف أن يعتري المسلمين هو الذي تقرب به محمد بن مسلمة إلى كعب بن الأشرف حين قال له : إن هذا الرجل قد أكثر علينا وطلب منا الأموال .