التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{كَأَنَّهُنَّ ٱلۡيَاقُوتُ وَٱلۡمَرۡجَانُ} (58)

ثم بين - سبحانه - ألوانا أخرى من نعيمهم فقال : { فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطرف لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } .

وقوله - سبحانه - : { قَاصِرَاتُ الطرف } صفة لموصوف محذوف . والطمث : كناية عن افتضاض البكارة . يقال : طمث الرجل امرأته - من باب ضرب وقتل - ، إذا أزال بكارتها . وأصل الطمث : الجماع المؤدى إلى خروج دم الفتاة البكر ، ثم أطلق على كل جماع وإن لم يكن معه دم .

أى : فى هاتين الجنتين اللتين أعدهما - سبحانه - لمن خاف مقامه . . . نساء قاصرات عيونهم على أزواجهن ، ولا يتلفتن إلى غيرهم . وهؤلاء النساء من صفاتهن - أيضا - أنهن أبكار ، لم يلمسهن ولم يزل بكارتهن أحد قبل هؤلاء الأزواج . . . وكأن هؤلاء النساء فى صفائهن وجمالهن وحمرة خدودهن . . . الياقوت والمرجان .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كَأَنَّهُنَّ ٱلۡيَاقُوتُ وَٱلۡمَرۡجَانُ} (58)

ثم قال ينعتهن للخطاب : { كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ } ، قال مجاهد ، والحسن ، [ والسدي ] {[27929]} ، وابن زيد ، وغيرهم : في صفاء الياقوت وبياض المرجان ، فجعلوا المرجان هاهنا اللؤلؤ .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن حاتم ، حدثنا عُبِيدة بن حُمَيْد ، عن عطاء بن السائب ، عن عمرو بن ميمون الأودي {[27930]} ، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن المرأة من نساء أهل الجنة ليُرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة من الحرير {[27931]} ، حتى يرى مخها ، وذلك أن الله تعالى يقول : { كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ } ، فأما الياقوت فإنه حَجَرٌ لو أدخلت فيه سلكا ثم استصفيته لرأيته من ورائه " .

وهكذا رواه الترمذي من حديث عُبَيْدَة بن حميد وأبي الأحوص ، عن عطاء بن السائب ، به {[27932]} . ورواه موقوفا ، ثم قال : وهو أصح {[27933]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، أخبرنا يونس ، عن محمد بن سِيرِين ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " للرجل من أهل الجنة زوجتان من الحور العين ، على كل واحدة سبعون حلة ، يُرى مخ ساقها من وراء الثياب " .

تفرد به الإمام أحمد من هذا الوجه {[27934]} . وقد رواه مسلم من حديث إسماعيل بن عُلَيَّة ، عن أيوب ، عن محمد بن سيرين قال : إما تفاخروا وإما تذكروا ، الرجال أكثر في الجنة أم النساء ؟ فقال أبو هريرة : أو لم يقل أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : " إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، والتي تليها على أضْوَأ كوكب دُرّي في السماء ، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان ، يُرَى مخ سوقهما من وراء اللحم ، وما في الجنة أعزب " {[27935]} .

وهذا الحديث مُخَرّجٌ في الصحيحين ، من حديث هَمّام بن مُنَبّه وأبي زُرْعَة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه {[27936]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو النضر ، حدثنا محمد بن طلحة ، عن حميد عن أنس ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لَغَدْوَةٌ في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ، وَلَقَابُ قوس أحدكم - أو موضع قيده {[27937]} - يعني : سوطه - من الجنة خير من الدنيا وما فيها ، ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحا ، ولطاب ما بينهما ، ولنَصِيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها " .

ورواه البخاري من حديث أبي إسحاق ، عن حميد ، عن أنس بنحوه {[27938]} .


[27929]:- (2) زيادة من م.
[27930]:- (3) في أ: "الأزدي".
[27931]:- (4) في م: "حرير".
[27932]:- (5) سنن الترمذي برقم (2533).
[27933]:- (6) سنن الترمذي برقم (2534).
[27934]:- (1) المسند (2/345).
[27935]:- (2) صحيح مسلم برقم (2834).
[27936]:- (3) صحيح البخاري برقم (3245) وصحيح مسلم برقم (2834).
[27937]:- (4) في م: "قده" وفي أ: "قدمه".
[27938]:- (5) المسند (3/141) وصحيح البخاري برقم (2796).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَأَنَّهُنَّ ٱلۡيَاقُوتُ وَٱلۡمَرۡجَانُ} (58)

وجملة { كأنهن الياقوت والمرجان } نعت أو حال من { قاصرات الطرف } .

ووجه الشبه بالياقوت والمرجان في لون الحمرة المحمودة ، أي حمرة الخدود كما يشبه الخد بالورد ، ويطلق الأحمر على الأبيض فمنه حديث « بعثتُ إلى الأحمر والأسود » وقال عبد بني الحساس :

فلو كنت ورَداً لونُه لعشقتني *** ولكن ربي شَانني بسواديا

ويجوز أن يكون التشبيه بهما في الصفاء واللمعان .