التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَيَٰقَوۡمِ هَٰذِهِۦ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمۡ ءَايَةٗۖ فَذَرُوهَا تَأۡكُلۡ فِيٓ أَرۡضِ ٱللَّهِۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوٓءٖ فَيَأۡخُذَكُمۡ عَذَابٞ قَرِيبٞ} (64)

ثم أرشد صالح - عليه السلام - إلى المعجزة الدالة على صدقه فيما يبلغه عن ربه فقال :

{ وياقوم هذه نَاقَةُ الله لَكُمْ آيَةً . . } أى : معجزة ، واضحة دالة على صدقى وفى إضافة كغيرها من النوق التى تستعمل فى الركوب والنحر وغيرهما . لأن الله - تعالى - قد جعلها معجزة لنبيه صالح - عليه السلام - ولم يجعلها كغيرها .

وقد ذكر بعض المفسرين من صفات هذه الناقة وخصائصها . ما لا يؤيده نقل صحيح ، لذا أضربنا عن كل ذلك صفحا ، ونكتفى بأن تقول : بأنها كانت ناقة ذات صفات خاصة مميزة ، تجعل قوم صالح يعلمون عن طريق هذا التمييز لها عن غيرها أنها معجزة دالة على صدق نبيهم - عليه السلام - فيما يدعوهم إليه .

وقوله : { فَذَرُوهَا تَأْكُلْ في أَرْضِ الله وَلاَ تَمَسُّوهَا بسواء فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ } أمر لهم بعدم التعرض لها بسوء وتحذير لهم من نتائج مخالفة أمره .

أى : اتركوا الناقة حرة طليقة تأكل فى أرض الله الواسعة ؛ ومن رزقه الذى تكفل به لكل دابة ، واحذورا أن تمسوها بشئ من السوء مهما كان قليلا ، فإنكم لو فعلتم ذلك عرضتم أنفسكم لعذاب الله العاجل القريب .

والتعبير بقوله { فَيَأْخُذَكُمْ } بفاء التعقيب وبلفظ الأخذ ، يفيد سرعة الأخذ وشدته ، لأن أخذه - سبحانه - أليم شديد .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيَٰقَوۡمِ هَٰذِهِۦ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمۡ ءَايَةٗۖ فَذَرُوهَا تَأۡكُلۡ فِيٓ أَرۡضِ ٱللَّهِۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوٓءٖ فَيَأۡخُذَكُمۡ عَذَابٞ قَرِيبٞ} (64)

وتقدم الكلام على هذه القصة مستوفى في سورة " الأعراف " {[14717]} بما أغنى عن إعادته ها هنا ، وبالله التوفيق .


[14717]:- عند تفسير الآيات 73 - 78.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيَٰقَوۡمِ هَٰذِهِۦ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمۡ ءَايَةٗۖ فَذَرُوهَا تَأۡكُلۡ فِيٓ أَرۡضِ ٱللَّهِۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوٓءٖ فَيَأۡخُذَكُمۡ عَذَابٞ قَرِيبٞ} (64)

وقوله تعالى : { ويا قوم هذه ناقة الله } الآية ، اقتضب في هذه الآية ذكر أول أمر الناقة ، وذلك أنه روي أن قومه طلبوا منه آية تضطرهم إلى الإيمان ، فأخرج الله ، جلت قدرته ، لهم الناقة من الجبل ، وروي أنهم اقترحوا تعيين خروج الناقة من تلك الصخرة ، فروي أن الجبل تمخض كالحامل ، وانصدع الحجر ، وخرجت منه ناقة بفصيلها ، وروي أنها خرجت عشراء ، ووضعت بعد خروجها ، فوقفهم صالح وقال لهم : { هذه ناقة الله لكم آية } ، ونصب { آية } على الحال .

وقرأت فرقة «تأكلْ » بالجزم على جواب الأمر ، وقرأت فرقة : «تأكلُ » على طريق القطع والاستئناف ، أو على أنه الحال من الضمير في { ذروها } .

وقوله { ولا تمسوها بسوء } عام في العقر وغيره ، وقوله : { فيأخذكم عذاب قريب } هذا بوحي من الله إليه أن قومك إذا عقروا الناقة جاءهم عذاب قريب المدة من وقت المعصية ، وهي الأيام الثلاثة التي فهمها صالح عليه السلام من رغاء الفصيل على جبل القارة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَيَٰقَوۡمِ هَٰذِهِۦ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمۡ ءَايَةٗۖ فَذَرُوهَا تَأۡكُلۡ فِيٓ أَرۡضِ ٱللَّهِۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوٓءٖ فَيَأۡخُذَكُمۡ عَذَابٞ قَرِيبٞ} (64)

هذا جواب عن قولهم : { وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب } [ هود : 62 ] فأتاهم بمعجزة تزيل الشك .

وإعادة { ويا قوم } لمثل الغرض المتقدّم في قوله في قصة نوح { ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم } [ هود : 30 ] .

والإشارة بهذه إلى الناقة حين شاهدوا انفلاق الصّخرة عنها .

وإضافة النّاقة إلى اسم الجلالة لأنّها خُلقت بقدرة الله الخارقة للعادة .

و { آية } و { لكم } حالان من ناقة ، وتقدّم نظير هذه الحال في سورة الأعراف . وستجيء قصة في إعرابها عند قوله تعالى : { وهذا بعلي شيخاً } في هذه السورة : [ 72 ] .

وأوصاهم بتجنب الاعتداء عليها لتوقّعه أنّهم يتَصَدّون لها من تصلبهم في عنادهم . وقد تقدّم عقرها في سورة الأعراف .