ثم قال تعالى : { يا قوم هذه نَاقَةُ الله لَكُمْ ءايَةً } وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال : « إنَّ صَالِحاً ، لَمَّا دَعَا قَوْمَهُ إلى الإسلامِ كَذَّبُوهُ ، فَضَاقَ صَدْرُهُ ، فَسَأَلَ رَبَّهُ أنْ يَأذَنَ لَهُ بِالخُرُوج مِنْ عِنْدِهِمْ ، فَأَذِنَ لَهُ فَخَرَجَ وَانْتَهَى إلى سَاحِلِ البَحْرِ ، فَإذا رَجُلٌ يَمْشِي عَلَى المَاءِ ، فقالَ لهُ صَالحٌ : وَيْحَكَ مَنْ أنْتَ ؟ فقالَ : أنا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ . قالَ : كُنْتُ في سَفِينَةٍ كَانَ قَوْمُهَا كَفَرَةً غَيْرِي ، فَأهْلَكَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَنَجَّانِي مِنْهُم ، فَخَرَجْتُ إلى جَزِيرَةٍ أتَعَبَّدُ هُناكَ ، فَأَخْرُجُ أحْيَاناً وَأطْلُبُ شَيْئاً مِنْ رِزْقِ اللَّهِ تَعَالَى ، ثُمَّ أرْجِعُ إلى مَكَانِي فَمَضَى صَالِحٌ ، وَانْتَهَى إلى تَلَ عَظِيم ، فَرَأَى رَجُلاً يَتَعَبَّدُ ، فَانْتَهَى إلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ ، فقالَ لَهُ صَالِحٌ مَنْ أنْتَ ؟ قال : كَانَتْ هاهُنَا قَرْيَةٌ ، كانَ أهْلُهَا كُفّاراً غَيْرِي ، فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ تعالى ، وَنَجَّانِي مِنْهُم ، فَجَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي أنْ أَعْبُدَ اللَّهَ تَعَالَى هاهنا إلى المَوْتِ ، وَقَدْ أَنْبَتَ اللَّهُ تَعَالَى لِي شَجَرَةَ رُمَّانٍ ، وَأَظْهَرَ لِي عَيْنَ ماءٍ ، فآكُلُ مِنَ الرُّمَّانِ ، وَأشْرَبُ مِنْ ماءِ العَيْن ، وَأَتَوَضّأ مِنْهُ . فَذَهَبَ صالحٌ ، وَانْتَهَى إلى قَرْيَةٍ كانَ أَهْلُها كُفَّاراً كُلُّهُمْ ، غَيْرَ أَخَوَيْن مُسْلِمَيْنِ يَعْمَلان عَمَلَ الخُوصِ فَضَرَبَ النبي صلى الله عليه وسلم : مثلاً قال : لَوْ أنَّ مُؤْمِناً دَخَلَ قَريَةً فِيها ألفُ رَجُلٍ ، كُلُّهُمْ كُفّارٌ ، وفِيهَا مُؤْمِنٌ وَاحِدٌ ، فلا يَسْكُنُ قَلْبُهُ مَعَ أحَدٍ ، حَتَّى يَجِد المُؤْمِنَ . وَلَوْ أنَّ مُنَافِقاً دَخَلَ قَرْيَةً فِيهَا أَلْفُ رَجُلٍ مُؤْمِنٍ ، وَمُنَافِقٌ وَاحِدٌ ، فلا يَسْكُنُ قَلْبُ المُنَافِقِ مَعَ أحَدٍ ، ما لَمْ يَجِدِ المُنَافِقَ .
فَدَخَلَ صَالِحٌ ، فانتهى إلى الأَخَوَيْن ، وَمَكَثَ عِنْدَهُمَا أياماً . وَسَأَلَهُمَا عَنْ حَالِهِمَا ، فَأَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا يَصْبِرَانِ عَلَى إيذاءِ المُشْركِينَ ، وَأَنَّهُمَا يَعْمَلانِ عَمَلَ الخُوصِ ، وَيُمْسِكانِ قُوتَهُمَا ، وَيَتَصَدَّقَانِ بِالفَضْلِ . فَقالَ صَالِحٌ : الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أرَانِي في الأرض مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ ، الَّذِينَ صَبَرُوا عَلَى أذَى الكُفَّارِ ، فأنا أرْجِعُ إلى قَوْمِي ، وَأَصْبِرُ عَلَى أذاهُمْ . فَرَجَعَ إليْهِمْ ، وَقَدْ كانُوا خَرَجُوا إلى عِيدِ لَهُمْ فَدَعَاهُمْ إلى الإيمانِ فَسَألُوا مِنْهُ أنْ يُخْرِجَ لَهُمْ نَاقَةً مِنَ الصَّخْرَةِ ، فَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى ، فَأخْرَجَ لَهُمْ ناقةً عُشَرَاءَ » .
فذلك قوله : { مّن رَّبّكُمْ هذه نَاقَةُ الله لَكُمْ ءايَةً } أي : علامة وعبرة ، { فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِى أَرْضِ الله } يعني : في أرض الحجر { وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوء } يعني : لا تعقروها { فَيَأْخُذَكُمْ } ، يعني : يصيبكم { عَذَابٌ قَرِيبٌ } .
فولدت الناقة ولداً وكانت لهم بئر واحدة عذبة ، قال ابن عباس : كان للناقة شرب يوم لا يقربونها ، ولهم شرب يوم ، وهي لا تحضرها ، وكانوا يستقون الماء في يومهم ما يكفيهم للغد ، فيقسمونه فيما بينهم ، فإذا كان يوم شربها ، كانت ترتع في الوادي ، ثم تجيء إلى البئر ، فتبرك ، فتدلي رأسها في البئر ، فتشرب منها ، ثم تعود فترعى ، ثم تعود إلى البئر ، فتشرب منها ، فتفعل ذلك نهارها كله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.