الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَيَٰقَوۡمِ هَٰذِهِۦ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمۡ ءَايَةٗۖ فَذَرُوهَا تَأۡكُلۡ فِيٓ أَرۡضِ ٱللَّهِۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوٓءٖ فَيَأۡخُذَكُمۡ عَذَابٞ قَرِيبٞ} (64)

ثم قال : { ويا قوم{[32639]} هذه ناقة الله لكم آية }[ 64 ] : آية : حال ، والمعنى : انتبهوا إليها{[32640]} في هذه الحال{[32641]} .

{ فذروها تاكل في أرض الله }[ 64 ] : أي : دعوها ، ويذر ويدع لم يستعمل منهما ماض . وأصل ( يدع ) . يودع ، فحذفت الواو على الأصل ، ثم فتحت العين من أجل حروف الحلق{[32642]} . وشابهت{[32643]} ( يذر ) ( يدع ) من أجل أنها لم ينطق{[32644]} منها بماض ، ففتحت العين منها{[32645]} ، مثل ( ودع ) ، وبابهما جميعا فَعَل يَفْعِل{[32646]} ، ففتحت ( يدع ) لحرف الحلق ، وفتحت ( يذر }{[32647]} للمضارعة التي بينها وبين ( يدع ) . وإنما تفتح{[32648]} العين إذا كانت حرف حلق ، أو كانت اللام حرف حلق ، لأن الفتحة أصلها من الألف . فلما وقع بعدها حرف حلق جعلوا حركة ما قبله مما هو من مخرج الحروف{[32649]} ، ليكون الحرف ، والحركة من جنس واحد . وكذلك ، إن كانت العين حرف حلق تفتح ، لتكون حركته من الحرف{[32650]} الذي هو مثله ، فتكون{[32651]} الحركة والحرف من جنس واحد أيضا .

وإنما صارت الناقة آية ، لأنهم طلبوا الله أن يخرج لهم من جبل لهم ناقة ويؤمنوا ، فأخرجها لهم من ذلك الجبل بقدرة الله عز وجل{[32652]} ، فلم يؤمنوا{[32653]} ، فقال لهم : دعوها { تاكل في أرض الله }[ 64 ] ليس على أحد منكم رزقها{[32654]} . { ولا تمسوها بسوء } : أي : لا تعقروها ، فيأخذكم عذاب قريب : أي : قريب من عقرها . وقيل : المعنى : { قريب } : غير بعيد فيهلككم .


[32639]:ساقط من ق.
[32640]:ط: لها.
[32641]:وهو قول الزجاج في: معانيه 3/60.
[32642]:ط: الجو.
[32643]:ق: تشابهت.
[32644]:ط: تنصق منهما.
[32645]:ط: مطموس، ق: منه والصواب ما أثبت.
[32646]:ط: مطموس. ق: نفعل والصواب ما أثبت.
[32647]:ط: مطموس.
[32648]:ق: يفتح.
[32649]:ط: الحرف.
[32650]:ق: الحروف.
[32651]:ط: مطموس، ق: فيكون والصواب ما أثبت.
[32652]:ساقط من ق.
[32653]:انظر: المحرر 9/177.
[32654]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 15/371.