التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَٱلۡيَوۡمَ لَا تُظۡلَمُ نَفۡسٞ شَيۡـٔٗا وَلَا تُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (54)

{ فاليوم } وهو يوم القيامة { لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً } من الظلم ، وإنما كل نفس توفى حقها .

وقوله - تعالى - { وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } أى : ولا تجزون إلا جزاء ما كنتم تعملونه فى الدنيا ، فالجملة الكريمة تأكيد وتقرير لما قبلها .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { وَنَضَعُ الموازين القسط لِيَوْمِ القيامة فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وكفى بِنَا حَاسِبِينَ }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَٱلۡيَوۡمَ لَا تُظۡلَمُ نَفۡسٞ شَيۡـٔٗا وَلَا تُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (54)

{ فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا } أي : من عملها ، { وَلا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَٱلۡيَوۡمَ لَا تُظۡلَمُ نَفۡسٞ شَيۡـٔٗا وَلَا تُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (54)

وقوله { فاليوم } نصب على الظرف ، ويريد يوم القيامة ، والحشر المذكور وهذه مخاطبة يحتمل أن تكون لجميع العالم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَٱلۡيَوۡمَ لَا تُظۡلَمُ نَفۡسٞ شَيۡـٔٗا وَلَا تُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (54)

إن كان قوله تعالى : { هذا ما وعَدَ الرحمن } [ يس : 52 ] حكاية لكلام الكفار يوم البعث كان هذا كلاماً من قبل الله تعالى بواسطة الملائكة وكانت الفاء في قوله : { فاليوم لا تُظلمُ نفسٌ شَيْئاً } فاء فصيحة وهي التي تفصح وتنبىء عن كلام مقدّر نشأ عن قوله : { فإذا هم جميع لدينا محضرون } [ يس : 53 ] فهو خطاب للذين قالوا : { من بعثنا من مرقدنا } [ يس : 52 ] . والمعنى : فقد أيقنتم أن وعد الله حق وأن الرسل صدقوا فاليوم يوم الجزاء كما كان الرسل ينذرونكم .

وإن كان قوله : { هذا ما وعَدَ الرحمن } [ يس : 52 ] من كلام الملائكة كانت الفاء تفريعاً عليه وكانت جملة { إن كانَتْ إلاَّ صيحَةً واحِدَةً } [ يس : 53 ] الخ معترضة بين المفرع والمفرع عليه .

و« اليوم » ظرف وتعريفه للعهد ، وهو عهد حضور يعني يوم الجزاء . وفائدة ذكر التنويه بذلك اليوم بأنه يوم العدل .

وأشعر قوله : { لا تُظلم نفسٌ شيئاً } بالتعريض بأنهم سيلقون جزاء قاسياً لكنه عادل لا ظلم فيه لأن نفي الظلم يشعر بأن الجزاء مما يُخال أنه متجاوز معادَلَةَ الجريمة ، وهو معنى { ولاَ تُجْزونَ إلاَّ ما كنتم تعملون } أي إلا على وفاق ما كنتم تعملون وعلى مقداره . وانتصب { شيئاً } على المفعول المطلق ، أي شيئاً من الظلم .

ووقوع { نَفْسٌ } و { شَيْئاً } وهما نكرتان في سياق النفي يعمّ انتفاء كل ذلك عن كل نفس وانتفاء كل شيء من حقيقة الظلم وذلك يعمّ جميع الأنفس . . ولكن المقصود أنفس المعاقَبين ، أي أن جزاءهم على حسب سيّئاتهم جزاء عادل . وإذ قد كان تقديره من الله تعالى وهو العليم بكل شيء كانت حقيقة العدل محققة في مقدار جزائهم إذ كلّ عدل غير عدل الله معرض للزيادة والنقصان في نفس الأمر ولكنه يجري على حسب اجتهاد الحاكمين ، والله لم يكلف الحاكم إلاّ ببذل جهده في إصابة الحق ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم " إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران ، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد " .