تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{فَٱلۡيَوۡمَ لَا تُظۡلَمُ نَفۡسٞ شَيۡـٔٗا وَلَا تُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (54)

48

54 { فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

{ فاليوم } ، أي : فهذا يوم القيامة ، ويوم الفصل والحكم بين الناس ، والحكم لله تعالى في ذلك اليوم ، وهو سبحانه عادل ، وقد حرّم الظلم على نفسه ، لذلك فهو سبحانه لا يبخس الناس شيئا من أعمالهم ، ولا يُنقص حسنة لمحسن ، ولا يزيد في سيئات مسيء ، بل إن الجزاء من جنس العمل ، والجزاء العادل بالجنة ونعيمها للمتقين ، وبالنار وعذابها للكافرين والظالمين .

قال تعالى : { وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } [ الأنبياء : 48 ] .

وقال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا } [ النساء : 40 ] .

وقال سبحانه : { إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [ يونس : 44 ] .

وقال تعالى : { ولا يظلم ربك أحدا } [ الكهف : 49 ] .

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " يقول الله عز وجل : يا عبادي ، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي ، كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي ، كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي ، إنكم تضلّون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي ، إنكم لن تبلغوا ضرّي فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم ، كانوا على أتقى قلب رجل واحد ، ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي ، لو أن أولكم وإنسكم وجنكم ، كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم ، اجتمعوا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل سائل مسألته ، ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، إلا كما ينقص المخيط إذا وضع في البحر ، يا عبادي ، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ، ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه " 21 .