اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَٱلۡيَوۡمَ لَا تُظۡلَمُ نَفۡسٞ شَيۡـٔٗا وَلَا تُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (54)

ثم بين ما يكون في ذلك اليوم فقال : { فاليوم لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً } فاليوم منصوب «بلاَ تُظْلَمُ »{[46401]} و «شيئاً » إما مفعول ثانٍ وإما مصدر{[46402]} .

فقوله : { لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ } ليأمن المؤمن ( و ) { وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } ليَيْأسَ المجرمُ والكافر{[46403]} .

فإن قيل : ما الفائدة في الخطاب عند الإشارة إلى يأس المجرم وترك الخطاب في الإشارة إلى أمان المؤمن ؟

فالجواب : أن قوله : { لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً } يفيد العموم وهو كذلك فإنه لا يظلم أحداً وأما «لا تجزون » فيختص بالكافر لأن الله يجزي المؤمن وإن لم يفعل فإن لله فضلاً مختصاً بالمؤمن وعدلاً عاماً فيه . وفيه بشارة .


[46401]:قاله أبو حيان في البحر 7/341 والسمين في الدر 4/524 و 525.
[46402]:المرجع الأخير السابق. ويقصد بالمفعول الثاني أنه "لظلم". والمفعول الأول هو نائب الفاعل وهو "نفس" والأصل: لا يظلم الله نفسا شيئا. ويقصد بالمصدر المصدر المقام مقامه لكلمة شيئا وهي صفته وهي إحدى النائبات عن المفعول المطلق كقولنا: "أحب الله كثيرا" أي حبا كثيرا.
[46403]:الرازي المرجع السابق.