التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا عَلِمَ مِنۡ ءَايَٰتِنَا شَيۡـًٔا ٱتَّخَذَهَا هُزُوًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (9)

ثم بين - سبحانه - صفة أخرى من صفات هذا الأفاك الأثيم فقال : { وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً اتخذها هُزُواً } .

أي : وإذا بلغ هذا الإِنسان شيء من آياتنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا ، بادر إلى الاستهزاء بها والسخرية منها ، ولم يكتف بالاستهزاء بما سمعه ، بل استهزأ بالآيات كلها لرسوخه في الكفر والجحود .

والتعبير بقوله : { وَإِذَا عَلِمَ } زيادة فى تحقيره وتجهيله ، لأن اتخاذه الآيات هزوا بعد علمه بمصدرها ، يدل على إيغاله في العناد والضلال .

وقوله : { أولئك لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } بيان لسوء عاقبته . أي : أولئك الذين يفعلون ذلك لهم في الآخرة عذاب يهينهم ويذلهم ، ويجعلهم محل سخرية العقلاء واحتقارهم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذَا عَلِمَ مِنۡ ءَايَٰتِنَا شَيۡـًٔا ٱتَّخَذَهَا هُزُوًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (9)

{ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا } أي : إذا حفظ شيئًا من القرآن كفر به واتخذه سخريا وهزوا ، { أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ } أي : في مقابلة ما استهان بالقرآن واستهزأ به ؛ ولهذا روى مسلم في صحيحه عن ابن عمر قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو{[26307]} .


[26307]:- (3) صحيح مسلم برقم (1869).
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَا عَلِمَ مِنۡ ءَايَٰتِنَا شَيۡـًٔا ٱتَّخَذَهَا هُزُوًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (9)

وقرأ جمهور الناس : «وإذا عَلِمَ » بفتح العين وتخفيف اللام ، والمعنى : وإذا أخبر بشيء { من آياتنا } فعلم نفس الخبر لا المعنى الذي تضمنه الخبر ، ولو علم المعاني التي تضمنها إخبار الشرع وعرف حقائقها لكان مؤمناً . وقرأ قتادة ومطر الوراق{[10261]} «عُلِّم » بضم العين وشد اللام .


[10261]:مَطَر- بفتحتين- ابن طهمان الوراق، أبو رجاء السلمي-مولاهم-الخرساني، سكن البصرة، صدوق، كثير الخطأ، وحديثه عن عطاء ضعيف، من الطبقة السادسة، مات سنة خمس وعشرين، ويقال: سنة تسع.(تقريب التهذيب).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِذَا عَلِمَ مِنۡ ءَايَٰتِنَا شَيۡـًٔا ٱتَّخَذَهَا هُزُوًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (9)

{ وإذا علم من ءاياتنا شيئا اتخذها هزؤا }

والمراد بالعلم في قوله : { وإذا علم من آياتنا شيئاً } السمع ، أي إذا ألقى سمعه إلى شيء من القرآن اتخذه هُزؤاً ، أي لا يَتلقى شيئاً من القرآن إلا ليجعله ذريعة للهزء به ، ففعل { عَلِم } هنا متعدّ إلى واحد لأنه بمعنى عَرف .

وضمير التأنيث في { اتخذها } عائد إلى { آياتنا } ، أي اتخذ الآيات هزؤاً لأنه يستهزىء بما علمه منها وبغيره ، فهو إذا علم شيئاً منها استهزأ بما علمه وبغيره .

ومعنى اتخاذهم الآيات هزؤاً : أنهم يلوكونها بأفواههم لوك المستهزىء بالكلام ، وإلا فإن مطلق الاستهزاء بالآيات لا يتوقف على العِلم بشيء منها . ومن الاستهزاء ببعض الآيات تحريفُها على مواضعها وتحميلها غير المراد منها عمداً للاستهزاء ، كقول أبي جهل لما سَمِع { إنَّ شجرة الزقوم طعام الأثيم } [ الدخان : 43 ، 44 ] تجاهل بإظهار أن الزقوم اسم لمجموع الزبد والتمر فقال : « زقّمونا » ، وقوله : لما سمع قوله تعالى : { عليها تسعة عَشَر } [ المدثر : 30 ] : أنا أَلْقَاهُمْ وحدي .

{ أولئك لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } .

جيء باسم الإشارة للتنبيه على أن ما ذكر من الأوصاف من قوله تعالى : { لكل أفاك أثيم } إلى قوله { هزؤاً } على أن المشار إليهم أحرياء بهِ لأجْللِ ما قبل اسم الإشارة من الأوصاف .