التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجۡعِ} (11)

ثم أقسم - سبحانه - مرة أخرى بالسماء على أن القرآن من عنده - تعالى - فقال : { والسمآء ذَاتِ الرجع . والأرض ذَاتِ الصدع . إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ . وَمَا هوَ بالهزل } .

والرجع : المطر . وسمى بذلك لأنه يجئ ويرجع ويتكرر ، وقيل : الرجع هنا : الشمس والقمر والنجوم ، يرجعن فى السماء حيث تطلع من ناحية ، وتغيب فى الأخرى .

وقيل : المراد بالرجع : الملائكة ، لأنهم يرجعون إليها حاملين أعمال العباد .

والصدع : الشق والانفطار ، يقال : تصدع الشئ ، إذا تشقق . . والمراد به هنا : ما تتشقق عنه الأرض من نبات . كما قال - تعالى - : { أَنَّا صَبَبْنَا المآء صَبّاً . ثُمَّ شَقَقْنَا الأرض شَقّاً . فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً . وَعِنَباً وَقَضْباً } أى : وحق السماء صاحبة المطر الذى ينزل من جهتها مرة فأخرى ، لنفع العباد والحيوان والنبات . . وحق الأرض ذات النبات البازغ من شقوقها .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجۡعِ} (11)

قال ابن عباس : الرجع : المطر . وعنه : هو السحاب فيه المطر . وعنه : { وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ } تمطر ثم تمطر .

وقال قتادة : ترجع رزق العباد كل عام ، ولولا ذلك لهلكوا وهلكت مواشيهم .

وقال ابن زيد : ترجع نجومها وشمسها وقمرها ، يأتين من هاهنا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجۡعِ} (11)

{ السماء } في هذا القسم يحتمل أن تكون المعرفة ، ويحتمل أن تكون السحاب ، و { الرجع } المطر وماؤه ، ومنه قول الهذلي : [ السريع ]

أبيض كالرجع وسوب إذا . . . ما شاخ من محتفل يختلي{[11740]}

وقال ابن عباس : { الرجع } ، السحاب فيه المطر ، قال الحسن : لأنه يرجع بالرزق كل عام ، قال غيره لأنه يرجع إلى الأرض ، وقال ابن زيد : { الرجع } مصدر رجوع الشمس والقمر والكواكب من حال إلى حال ، ومنه منزلة تذهب وترجع


[11740]:البيت للمتنخل الهذلي يصف السيف، وهو في اللسان، والطبري، والقرطبي، والبحر، وفتح القدير، ومجاز القرآن، والرجع: قيل هو ماء المطر، وقال في اللسان: هو الغدير يتردد فيه الماء، وسيف رسوب: ماض يغيب في الضريبة ، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سيف يقال له رسوب، وثاخ: غاب واختفى، والمحتفل: أعظم موضع في الجسد، ويختلى: يقطع. يقول: إن هذا السيف يترقرق البياض فيه كأنه ماء الغدير، وهو سيف ثقيل يغيب في الجسد، وإذا ما ضرب به غاب في الضريبة وقطع.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجۡعِ} (11)

بعد أن تبين الدليل على إمكان البعث أعقب بتحقيق أن القرآن حق وأن ما فيه قول فصل إبطالاً لما مُوِّه عليهم من أن أخباره غير صادقة إذ قد أخبرهم بإحياء الرمم البالية .

فالجملة استئناف ابتدائي لغرض من أغراض السورة .

وافتتح الكلام بالقَسم تحقيقاً لصدق القرآن في الإِخبار بالبعث وفي غير ذلك مما اشتمل عليه من الهدى . ولذلك أعيد القَسَم ب { السماء } كما أقسم بها في أول السورة ، وذكر من أحوال السماء ما له مناسبة بالمقسم عليه ، وهو الغيث الذي به صلاح الناس ، فإن إصلاح القرآن للناس كإصلاح المطر . وفي الحديث : " مَثَل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغَيث الكثير أصاب أرضاً " . الحديث .

وفي اسم الرجع مناسبة لمعنى البعث في قوله : { إنه على رجعه لقادر } [ الطارق : 8 ] وفيه محسن الجناس التام وفي مسمى الرجع وهو المطر المعاقب لمطر آخر مناسبة لمعنى الرجع البعث فإن البعث حياة معاقبة بحياة سابقة .