اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجۡعِ} (11)

قوله : { والسمآء ذَاتِ الرجع } .

قيل : الرَّجْعُ : مصدر ، بمعنى رجوع الشمس والقمر إليها ، والنجوم تطلع من ناحيته ، وتغيب في أخرى .

وقيل : الرَّجْعُ : المطر ؛ قال : المتنخِّل ، يصف سيفاً يشبههُ بالماء : [ السريع ]

5170- أبْيَضُ كالرَّجْعِ رَسُوبٌ إذَا *** ما ثَاخَ في مُحْتفلٍ يَخْتَلِي{[59857]}

وقال : [ البسيط ]

5171- رَبَّاءُ شَمَّاءُ لا يَأوِي لقُلَّتِهَا *** إلاَّ السَّحَابُ وإلاَّ الأوبُ والسَّبلُ{[59858]}

وقال الخليل : المطر نفسه ، وهذا قول الزجاج .

قال ابن الخطيب{[59859]} : واعلم أن كلام الزجاج ، وسائر علماء اللغة «صريح » في أن الرجع ليس اسماً موضوعاً للمطر ، بل سمي رجعاً مجازاً ، وحسن هذا المجاز وجوه :

أحدها : قال القفال : كأنه من ترجيع الصوت وهو إعادته ، ووصل الحروف به ، وكذا المطر ، لكونه يعود مرة بعد أخرى سمِّي رجعاً .

وثانيها : أن العرب كانوا يزعمون أنَّ السَّحاب يحمل الماء من بحار الأرض ، ثم يرجعه إلى الأرض .

والرجع - أيضاً - نبات الربيع .

وقيل : «ذَاتِ الرَّجْعِ » أي : ذات النفع .

وقيل : ذات الملائكة ، لرجوعهم فيها بأعمال العباد ، وهذا قسم .


[59857]:ينظر ديوان الهذليين 2/12، ومجاز القرآن 2/294، ومعاني القرآن وإعرابه 5/312، والقرطبي 20/8، والدر المصون 6/508، وفتح القدير 5/420.
[59858]:البيت للمتنخل الهذلي ينظر: خزانة الأدب 5/3، 7، وشرح أشعار الهذليين 3/128، وشرح شواهد الإيضاح ص 315، وشرح المفصل 3/58، 59، واللسان (أوب).
[59859]:ينظر: الفخر الرازي 31/120.