الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجۡعِ} (11)

قوله تعالى : " والسماء ذات الرجع " أي ذات المطر . ترجع كل سنة بمطر بعد مطر . كذا قاله عامة المفسرين . وقال أهل اللغة : الرجع : المطر ، وأنشدوا للمتنخل يصف سيفا شبهه بالماء :

أبيضُ كالرَّجْعِ رَسُوبٌ إذا *** ما ثاخ في مُحْتَفَلٍ يَخْتَلِي

[ ثاخت قدمه في الوحل تثوخ وتثيخ : خاضت وغابت فيه . قاله الجوهري{[15946]} ] . قال الخليل : الرجع : المطر نفسه ، والرجع أيضا : نبات الربيع . وقيل : " ذات الرجع " . أي ذات النفع . وقد يسمى المطر أيضا أوبا ، كما يسمى رجعا ، قال :

رَبَّاء ُشَمَّاءُ لا يأوِي لقُلَّتِهَا *** إلا السحابُ وإلا الأَوْبُ والسَّبَلُ{[15947]}

وقال عبد الرحمن بن زيد : الشمس والقمر والنجوم يرجعن في السماء ، تطلع من ناحية وتغيب في أخرى . وقيل : ذات الملائكة ؛ لرجوعهم إليها بأعمال العباد . وهذا قسم .


[15946]:ما بين المربعين ذكر في هامش بعض نسخ الأصل. والمحتفل: أعظم موضع في الجسد. ويختلى: يقطع.
[15947]:البيت للمنخل الهذلي. قال الكري في شرح هذا البيت: "رباء يربأ فوقها، يقول لا يدنوا لقلتها، أي لرأسها. أي لا يعلو هذه الهضبة من طولها. لا السحاب والأوب. والأوب: رجوع النحل. والسبل: القطر حين يسيل".