التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{هُدٗى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ} (2)

وقوله - تعالى - : { هُدًى وبشرى لِلْمُؤْمِنِينَ } فى حيز النصب على الحالية من قوله { آيَاتُ } ولفظ { هُدًى } مصدر هداه هدى وهداية ، ومعناه : الدلالة الموصلة إلى البغية .

و { وبشرى } : الخبر السار . فهى أخص من مجرد الخبر ، وسمى الخبر السار بشرى ، لأن أثره يظهر على البشرة ، وهى ظاهر جلد الإنسان .

أى : أنزلنا إليك - أيها الرسول الكريم - هذه الآيات القرآنية ، حالة كونها هداية للمؤمنين إلى طريق السعادة والفلاح ، وبشارة لهم بما يشرح صدروهم ، ويدخل الفرح والسرور على نفوسهم .

وخص - سبحانه - المؤمنين بذلك ، لأنهم المنتفعون بهذه الهداية والبشارة ، دون سواهم من الكافرين والنافقين .

قال - تعالى - : { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ والذين لاَ يُؤْمِنُونَ في آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أولئك يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ }

وقال - سبحانه - : { وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هذه إِيمَاناً فَأَمَّا الذين آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }

ثم وصف - سبحانه - هؤلاء المؤمنين بثلاث صفات جامعة بين خيرى الدنيا والآخرة فقال : { الذين يُقِيمُونَ الصلاة }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{هُدٗى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ} (2)

{ هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } أي : إنما تحصل الهداية والبشارة من القرآن لِمَنْ آمن به واتبعه وصدقه ، وعمل بما فيه ، وأقام الصلاة المكتوبة ، وآتى الزكاة المفروضة ، وآمن{[21958]} بالدار الآخرة والبعث بعد الموت ، والجزاء على الأعمال ، خيرها وشرها ، والجنة والنار ، كما قال تعالى : { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } [ فصلت : 44 ] . وقال : { لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا } [ مريم : 97 ] ؛ ولهذا قال هاهنا : { إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ } أي : يكذبون بها ، ويستبعدون وقوعها { زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ } أي : حَسَّنَّا لهم ما هم فيه ، ومددنا لهم في غَيهم فهم يَتيهون في ضلالهم . وكان هذا جزاء على ما كذبوا به من الدار الآخرة ، كما قال تعالى : { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [ الأنعام : 110 ] ، { أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ } أي : في الدنيا والآخرة ، { وَهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأخْسَرُونَ } أي : ليس يخسر أنفسهم وأموالهم سواهم من أهل المحشر .


[21958]:- في ف : "وأيقن".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{هُدٗى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ} (2)

{ هدى وبشرى للمؤمنين } حالان من ال{ آيات } والعامل فيهما معنى الإشارة ، أو بدلان منها أو خبران آخران أو خبران لمحذوف .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{هُدٗى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ} (2)

{ هدى وبشرى } حالان من { كتاب بعد وصفه بمبين } [ النمل : 1 ] .

وجعل الحال مصدراً للمبالغة بقوة تسببه في الهدى وتبليغه البشرى للمؤمنين .

فالمعنى : أن الهدى للمؤمنين والبشرى حاصلان منه ومستمران من آياته .

والبشرى : اسم للتبشير ، ووصف الكتاب بالهدى والبشرى جار على طريقة المجاز العقلي ، وإنما الهادي والمبشر الله أو الرسول بسبب الكتاب . والعامل في الحال ما في اسم الإشارة من معنى : أُشير ، كقوله : { وهذا بعلي شيخاً } [ هود : 72 ] ، وقد تقدم ما فيه في سورة إبراهيم .

و { للمؤمنين } يتنازعه { هدى وبشرى } لأن المؤمنين هم الذين انتفعوا بهديه كقوله : { هدى للمتقين } [ البقرة : 2 ] .