روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{هُدٗى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ} (2)

وقوله تعالى : { هُدًى وبشرى } في حيز النصب على الحالية من { ءايات } [ النمل : 1 ] على إقامة المصدر مقام الفاعل فيه للمبالغة كأنها نفس الهدى والبشارة ، والعامل معنى الإشارة وهو الذي سمته النحاة عاملاً معنوياً .

وجوز أبو البقاء على قراءة الرفع في { كِتَابٌ } [ النمل : 1 ] كون الحال منه ثم قال : ويضعف أن يكون من المجرور ويجوز أن يكون حالاً من الضمير في { مُّبِينٌ } [ النمل : 1 ] على القراءتين ، وجوز أبو حيان كون النصب على المصدرية أي تهدي هدى وتبشر بشرى أو الرفع على البدلية من { ءايات } [ النمل : 1 ] واشتراط الكوفيين في إبدال النكرة من المعرفة شرطين اتحاد اللفظ وأن تكون النكرة موصوفة نحو قوله تعالى : { لَنَسْفَعاً بالناصية نَاصِيَةٍ كاذبة } [ العلق : 15 ، 16 ] غير صحيح كما في شرح التسهيل لشهادة السماع بخلافه أو على أنه خبر بعد خبر لتلك أو خبر لمبتدأ محذوف أي هي هدى وبشرى { لِلْمُؤْمِنِينَ } يحتمل أن يكون قيداً للهدى والبشرى معاً ، ومعنى هداية الآيات لهم وهم مهتدون أنها تزيدهم هدى قال سبحانه : { فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون } [ التوبة : 124 ] وأما معنى تبشيرها إياهم فظاهر لأنها تبشرهم برحمة من الله تعالى ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم كذا قيل ، وفي «الحواشي الشهابية » أن الهدى على هذا الاحتمال ، إما بمعنى الاهتداء أو على ظاهره وتخصيص المؤمنين لأنهم المنتفعون به وإن كانت هدايتها عامة ، وجعل المؤمنين بمعنى الصائرين للإيمان تكلف كحمل هداهم على زيادته ، ويحتمل أن يكون قيداً للبشرى فقط ويبقى الهدى على العموم وهو بمعنى الدلالة والإرشاد أي هدى لجميع المكلفين وبشرى للمؤمنين .