محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{هُدٗى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ} (2)

{ هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } أي هو هدى من الضلالة ، وبشرى برحمة الله ورضوانه ، لمن آمن وعمل صالحا من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، وأيقن بالآخرة ، والجزاء على الأعمال خيرها وشرها .

لطيفة :

تكرير الضمير لإفادة الحصر والاختصاص على ما في ( الكشاف )

ولصاحب ( الانتصاف ) وجه آخر قال : لما كان أصل الكلام ( وهم يوقنون بالآخرة ) ثم قدم المجرور على عامله ، عناية به ، فوقع فاصلا بين المبتدأ والخبر ، فأريد أن يلي المبتدأ خبره ، وقد حال المجرور بينهما ، فطري ذكره ليليه الخبر ، ولم يفت مقصود العناية بالمجرور حيث بقى على حاله مقدما : ولا يستنكر أن تعاد الكلمة مفصولة له وحدها ، بعد ما يوجب التطرية . فأقرب منها أن الشاعر قال :

سل ذو وعجل ذا وألحقنا بذا ال *** شحم ، إنا قد مللناه بخل

والأصل ( وألحقنا بذا الشحم ) فوقع منتصف الرجز أو منتهاه ( على القول بأن مشطور الرجز بيت كامل ) عند اللام . وبنى الشاعر على أنه لا بد ، عند المنتصف أو المنهتى ، من وقيفة ما . فقدر بتلك الوقفة بعدا بين المعرف وآله التعريف . فطراها ثانية . فهذه التطرية لم تتوقف على أن يحول بين الأول وبين المكرر ولا كلمة واحدة ، سوى تقديره لطيفة لا غير .

ثم قال : فتأمل هذا الفصل فإنه جدير بالتأمل . والله أعلم .