ثم يحكى القرآن بعد ذلك ما كان من امرأته بعد أن سمعت بهذه البشرى فقال : { فَأَقْبَلَتِ امرأته فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } .
أى : فأقبلت امرأة إبراهيم - عليه السلام - وهى تصيح فى تعجب واستغراب من هذه البشرى . فضربت بيدها على وجهها وقالت : أنا عجوز عقيم فكيف ألد ؟
والصرة : من الصرير وهو الصوت ، ومنه صرير الباب ، أى : صوته ، والصك الضرب الشديد على الوجه ، وعادة ما تفعله النساء إذا تعجبن من شىء .
وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - فى سورة هود : { قَالَتْ ياويلتى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ } وهنا رد عليها الملائكة بما يزيل تعجبها واستغرابها واستبعادها لأن يكون لها ولد مع كبر سنها ،
وقوله : { فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ } أي : في صرخة عظيمة {[27440]} ورنة ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبو صالح ، والضحاك ، وزيد بن أسلم والثوري والسدي وهي قولها : { يَا وَيْلَتَا } { فَصَكَّتْ وَجْهَهَا } {[27441]} أي : ضربت بيدها على جبينها ، قاله مجاهد وابن{[27442]} سابط .
وقال ابن عباس : لطمت ، أي تعجبا كما تتعجب{[27443]} النساء من الأمر الغريب ، { وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } أي : كيف ألد وأنا عجوز [ عقيم ] {[27444]} ، وقد كنتُ في حال الصبا عقيما لا أحبل ؟ .
{ فأقبلت امرأته } سارة إلى بيتها وكانت في زاوية تنظر إليهم . { في صرة } في صيحة من الصرير ، ومحله النصب على الحال أو المفعول إن أول فأقبلت بأخذت . { فصكت وجهها } فلطمت بأطراف الأصابع جبهتها فعل المتعجب . وقيل وجدت حرارة دم الحيض فلطمت وجهها من الحياء . { وقالت عجوز عقيم } أي أنا عجوز عاقر فكيف ألد .
كان النساء يحضرن مجالس الرجال في بيوتَهن مع أزواجهن ويواكلنهم . وفي « الموطأ » : قال مَالك : لا بأس أن تحضر المرأة مع زوجها وضيفِه وتأكل معهم .
والصَّرة : الصياح ، ومنه اشتق الصرير . و { في } للظرفية المجازية وهي الملابسة .
والصك : اللطم ، وصَكّ الوجه عند التعجب عادة النساء أيامئذٍ ، ونظيره وضع اليد على الفم في قوله تعالى : { فردُّوا أيديهم في أفواههم } [ إبراهيم : 9 ] .
وقولُها { عجوز عقيم } خبر محذوف ، أي أنا عجوز عقيم .
والعجوز : فعول بمعنى فاعل وهو يستوي في المذكر والمؤنث مشتق من العجز ويطلق على كبر السنّ لملازمة العجز له غالباً .
والعقيم : فعيل بمعنى مفعول ، وهو يستوي فيه المذكر والمؤنث إذا جرى على موصوف مؤنث ، مشتق من عَقمها الله ، إذا خلقها لا تحمل بجنين ، وكانت سارة لم تحمل قط .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.