{ إِنَّآ آمَنَّا بِرَبِّنَا } وخالقنا ومالك أمرنا { لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا } السالفة ، التى اقترفناها بسبب الكفر والإشراك به - سبحانه - .
{ وَ } ليغفر لنا { مَآ أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السحر } لكى نعارض به موسى - عليه السلام - معارضة من هو على الباطل لمن هو على الحق ، وقد كنا لا نملك أن نعصيك .
وخصوا السحر بالذكر مع دخوله فى خطاياهم ، للإشعار بشدة نفورهم منه ، وبكثرة كراهيتهم له بعد أن هداهم الله إلى الإيمان .
وقوله : { والله خَيْرٌ وأبقى } تذييل قصدوا به الرد على قول فرعون لهم : { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وأبقى } .
أى : والله - تعالى - خير ثوابا منك يا فرعون ، وأبقى جزاء وعطاء ، فإن ثوابه - سبحانه - لا نقص معه ، وعطاءه أبقى من كل عطاء .
{ إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا } أي : ما كان منا من الآثام ، خصوصًا ما أكرهتنا عليه من السحر لنعارض به آية الله تعالى ومعجزة نبيه .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا نعيم بن حماد ، حدثنا سفيان بن عُيَيْنَة ، عن أبي سعيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : { وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ } قال : أخذ فرعون أربعين غلامًا من بني إسرائيل فأمر أن يعلموا السحر بالفَرَمَا ، وقال : علموهم تعليمًا لا يعلمه{[19433]} أحد في الأرض . قال ابن عباس : فهم من الذين آمنوا بموسى ، وهم من الذين قالوا : { [ إِنَّا ]{[19434]} آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ } .
وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم .
وقوله : { وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى } أي : خير لنا منك { وَأَبْقَى } أي : أدوم ثوابًا مما كنت وعدتنا ومنيتنا . وهو رواية عن ابن إسحاق ، رحمه الله .
وقال محمد بن كعب القُرَظِي : { وَاللَّهُ خَيْرُ } أي : لنا منك إن أطيع ، { وَأَبْقَى } أي : منك عذابًا إن عُصِيَ .
وروي نحوه عن ابن إسحاق أيضًا :
والظاهر أن فرعون - لعنه الله - صمم على ذلك وفعله بهم ، رحمهم الله ؛ ولهذا قال ابن عباس وغيره من السلف : أصبحوا سحرة ، وأمسَوْا شهداء .
جملة { إنَّا آمَنَّا بِرَبنا } في محلّ العلّة لما تضمنه كلامهم .
ومعنى { وما أكْرَهْتَنَا عليْهِ مِنَ السِّحْرِ } أنه أكرههم على تحدّيهم موسى بسحرهم فعلموا أن فعلهم باطل وخطيئة لأنّه استعمل لإبطال إلهيّة الله ، فبذلك كان مستوجباً طلب المغفرة .
وجملة { والله خَيْرٌ وأبقى } في موضع الحال ، أو معترضة في آخر الكلام للتذييل . والمعنى : أنّ الله خير لنا بأن نؤثره منك ، والمراد : رضى الله ، وهو أبقى منك ، أي جزاؤه في الخير والشرّ أبقى من جزائك فلا يهولنا قولك { ولتعلمن أينا أشد عذاباً وأبقى } [ طه : 71 ] ، فذلك مقابلة لوعيده مقابلة تامة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.