التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞وَيَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ وِلۡدَٰنٞ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيۡتَهُمۡ حَسِبۡتَهُمۡ لُؤۡلُؤٗا مَّنثُورٗا} (19)

ثم أخبر - سبحانه - عن نوع آخر من الخدم ، يطوفون على هؤلاء الأبرار لخدمتهم ، فقال : { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً } .

أى : ويطوف على هؤلاء الأبرار { وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ } أى : دائمون على ما هم عليه من النضارة والشباب . . إذا رأيتهم - أيها المخاطب { حَسِبْتَهُمْ } وظننتهم { لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً } أى : حسبتهم من حسنهم ، وصفاء ألوانهم ، ونضارة وجوههم . . لؤلؤا ودرا مفرقا فى جنبات المجالس وأوسطها .

فقوله - تعالى - { مُّخَلَّدُونَ } احتراس المقصود منه دفع توهم أنهم سيصيرون فى يوم من الأيام كهولا ، قالوا : وشبهوا باللؤلؤ المنثور ، لأن اللؤلؤ إذا نثر على البساط ، كان أكثر جمالا منه فيما لو كان منظوما .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞وَيَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ وِلۡدَٰنٞ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيۡتَهُمۡ حَسِبۡتَهُمۡ لُؤۡلُؤٗا مَّنثُورٗا} (19)

وقوله تعالى : { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا } أي : يطوف على أهل الجنة للخدْمَة ولدانٌ من ولدان الجنة { مُخَلَّدُونَ } أي : على حالة واحدة مخلدون عليها ، لا يتغيرون عنها ، لا تزيد أعمارهم عن تلك السن . ومن فسرهم بأنهم مُخَرّصُونَ في آذانهم الأقرطة ، فإنما عبر عن المعنى بذلك ؛ لأن الصغير هو الذي يليق له ذلك دون الكبير .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞وَيَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ وِلۡدَٰنٞ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيۡتَهُمۡ حَسِبۡتَهُمۡ لُؤۡلُؤٗا مَّنثُورٗا} (19)

ويطوف عليهم ولدان مخلدون دائمون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا من صفاء ألوانهم وانبثاثهم في مجالسهم وانعكاس شعاع بعضهم إلى بعض .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞وَيَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ وِلۡدَٰنٞ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيۡتَهُمۡ حَسِبۡتَهُمۡ لُؤۡلُؤٗا مَّنثُورٗا} (19)

و { مخلدون } قال جمهور الناس : معناه باقون من الخلود ، وجعلهم ولداناً لأنهم في هيئة الولدان في السن لا يتغيرون عن تلك الحال ، وقال أبو عبيدة وغيره { مخلدون } معناه مقرطون ، والخلدات حلي يعلق في الآذان ، ومنه قول الشاعر : [ الكامل ]

ومخلدات باللجين كأنما*** أعجازهن أقاوب الكثبان{[11529]} .

وشهرة هذه اللغة في حمير ، وشبههم ب «اللؤلؤ المنثور » في بياضهم وانتشارهم في المساكين يجيئون ويذهبون وفي جمالهم ، ومنه سميت المرأة درة وجوهرة .


[11529]:البيت في اللسان وفي الطبري غير منسوب، ومخلدات: يلبسن الخلدات وهي الأقراط، والقرط يسمى الخلدة، واللجين: الفضة ولزوم صيغة التصغير هذه فلا مكبر له، ومثله في ذلك الثريا والكميت، والأعجاز: أرداف المرأة، والواحد عجز، والأقاوز: جمع قوز، وهو مرتفع صغير مستدير من الرمل تشبه به أرداف النساء، وقد قيل: إن أصله أقاويز بالياء، وقد حذفها الشاعر ضرورة.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞وَيَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ وِلۡدَٰنٞ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيۡتَهُمۡ حَسِبۡتَهُمۡ لُؤۡلُؤٗا مَّنثُورٗا} (19)

هذا طواف آخر غير طواف السُقاة المذكورِ آنفاً بقوله : { ويطاف عليهم بآنية من فضة } [ الإنسان : 15 ] الخ فهذا طواف لأداء الخِدمة فيشمل طواف السقاة وغيرهم .

و { وِلْدَان } : جمع وليد وأصل وليد فعيل بمعنى مفعول ويطلق الوليد على الصبي مجازاً مشهوراً بعلاقة ما كان ، لقصد تقريب عهده بالولادة ، وأحسن من يتخذ للخدمة الوِلدان لأنهم أخف حركةً وأسرع مشياً ولأن المخدوم لا يتحرج إذا أمرهم أو نهاهم .

ووصفوا بأنهم { مخلَّدون } للاحتراس مما قد يوهمه اشتقاق { وِلدان } من أنهم يشبون ويكتهلون ، أي لا تتغير صفاتهم فهم وِلدان دَوْماً وإلاّ فإن خلود الذوات في الجنة معلوم فما كان ذكره إلاّ لأنه تخليد خاص .

وقال أبو عبيدة { مخلَّدون } : محلَّون بالخِلدَة بوزن قِرَدَة . واحدها خُلْد كقُفل وهو اسم للقُرط في لغة حِمير .

وشُبهوا باللؤلؤ المنثور تشبيهاً مقيّداً فيه المشبه بحال خاص لأنهم شبهوا به في حسن المنظر مع التفرق .

وتركيب { إذا رأيتهم حسبتهم } مفيد للتشبيه المرادِ به التشابُهُ والخطاب في { رأيتَ } [ الإنسان : 20 ] خطاب لغَير معين ، أي إذا رآه الرائِي .

والقول في معنى الطواف تقدم عند قوله تعالى : { ويُطاف عليهم بآنية من فضة } الآية [ الإنسان : 15 ] .