التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ أَوۡلَى ٱلنَّاسِ بِإِبۡرَٰهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۗ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (68)

ثم أصدر - سبحانه - حكمه الحاسم العادل فى هذه القضية التى كثر الجدل فيها فقال : { إِنَّ أَوْلَى الناس بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتبعوه وهذا النبي والذين آمَنُواْ والله وَلِيُّ المؤمنين } .

وقوله - تعالى - { أَوْلَى } أفعل تفضيل من الولي وهو القرب .

والمعنى : إن أقرب الناس من إبراهيم ، وأخصهم به ، وأحقهم بالانتساب إليه أصناف ثلاثة :

أولهم : بينه الله بقوله { لَلَّذِينَ اتبعوه } ليرد على أقاويل أهل الكتاب ومفترياتهم حيث زعموا أنه كان يهوديا أو نصرانيا .

وثاني هذه الأصناف : بينه - سبحانه - بقوله { وهذا النبي } والمراد به محمد صلى الله عليه وسلم الداعى إلى التوحيد الذى دعا إليه إبراهيم .

والجملة الكريمة من عطف الخاص على العام للاهتمام به . وللإشعار بأنه صلى الله عليه وسلم قد تلقى الهداية من السماء كما تلقاها إبراهيم - عليه السلام- .

وثالث هذه الأصناف : بينه الله - تعالى - بقوله { والذين آمَنُواْ } أى : والذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم واتبعوه .

وفى هذا تنويه بشأن الأمة الإسلامية ، وتقرير بأن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم أحق بالانتساب إلى إبراهيم من أهل الكتاب لأن المؤمنين طلبوا الحق وآمنوا به ، أما أهل الكتاب فقد باعوا دينهم بدنياهم ، وتركوا الحق جريا وراء شهواتهم .

وقوله { والله وَلِيُّ المؤمنين } تذييل مقصود به تبير المؤمنين بأن الله - تعالى - هو ناصرهم ومتولى أمورهم .

قال ابن كثر عند تفسيره لهذه الآية : يقول الله - تعالى - إن أحق الناس بمتابعة إبراهيم الخليل الذين اتبعوه على دينه ، وهذا النبي يعني محمدا صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا من أصحابه المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بعدهم . فعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن لكل نبي ولاية من النبيين ، وإن وليي منهم أبى خليل ربي عز وجل إبراهيم عليه السلام . ثم قرأ : ( إِنَّ أَوْلَى الناس بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتبعوه ) الآية " .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ أَوۡلَى ٱلنَّاسِ بِإِبۡرَٰهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۗ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (68)

ثم قال تعالى : { إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ } يقول تعالى : أحق الناس بمتابعة إبراهيم الخليل الذين اتبعوه على دينه ، وهذا النبي - يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم - والذين آمنوا من أصحابه المهاجرين والأنصار ومَنْ بعدهم .

قال سعيد بن منصور : أخبرنا أبو الأحوص ، عن سعيد بن مسروق ، عن أبي الضُّحَى ، عن مسروق ، عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ وُلاةً مِنَ النَّبِيِّينَ ، وإنَّ وَليِّي مِنْهُمْ أبي وخَلِيلُ رَبِّي عز وجل " . ثم قرأ : { إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ [ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ]{[5161]} } .

وقد رواه الترمذي والبزار من حديث أبي أحمد الزُّبيري ، عن سفيان الثوري ، عن أبيه ، به{[5162]} ثم قال البزار : ورواه غير{[5163]} أبي أحمد ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي الضحى ، عن عبد الله ، ولم يذكر{[5164]} مسروقا . وكذا رواه الترمذي من طريق وَكِيع ، عن سفيان ، ثم قال : وهذا أصح{[5165]} لكن رواه وكيع في تفسيره فقال : حدثنا سفيان ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . فذكره .

وقوله : { وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ } أي : ولي جميع المؤمنين برسله .


[5161]:زيادة من جـ، ر، أ، و، وفي هـ: "الآية".
[5162]:سعيد بن منصور في السنن برقم (501) والترمذي في السنن برقم (2995) وقد خولف أبو أحمد الزبيري وأبو الأحوص في رواية هذا الحديث، فرواه ابن مهدي ويحيى القطان وأبو نعيم، فلم يذكروا فيه مسروق.قال ابن أبي حاتم في العلل (2/63): سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه أبو أحمد الزبيري وروح بن عبادة فذكره، فقالا جميعا: "هذا خطأ رواه المتقنون من أصحاب الثوري عن الثوري عن أبيه عن أبي الضحى عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا مسروق".
[5163]:في ر: "عن".
[5164]:في و، أ: "عن عبد الله يعني ولم يذكر".
[5165]:سنن الترمذي برقم (4081).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ أَوۡلَى ٱلنَّاسِ بِإِبۡرَٰهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۗ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (68)

{ إن أولى الناس بإبراهيم } إن أخصهم به وأقربهم منه . من الولي وهو القرب . { للذين اتبعوه } من أمته . { وهذا النبي والذين آمنوا } لموافقتهم له في أكثر ما شرع لهم على الأصالة . وقرئ والنبي بالنصب عطفا على الهاء في اتبعوه ، وبالجر عطفا على إبراهيم . { والله ولي المؤمنين } ينصرهم ويجازيهم الحسنى لإيمانهم .