التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدۡ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبۡلِكَۚ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغۡفِرَةٖ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٖ} (43)

ثم سلى - سبحانه - نبيه صلى الله عليه وسلم عما أصابه من أعدائه فقال : { مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ } .

أى : لا تحزن - أيها الرسول الكريم - من الأقوال الباطلة التى قالها المشركون فى حقك ، فإن ما قالوه فى شأنك قد قاله السابقون عليهم فى حق رسلهم .

فالآية الكريمة من أبلغ الآيات فى تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم لأنها كانها تقول له ، إن ما أصابك من أذى قد أصاب إخوانك ، فاصبر كما صبروا .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { كَذَلِكَ مَآ أَتَى الذين مِن قَبْلِهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ . أَتَوَاصَوْاْ بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } ثم علل - سبحانه - هذه التسلية وهذا التوجيه بقوله : { إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ } .

أى : ما يقال لك إلا مثل ما قيل لإخوانك من قبلك ، وما دام الأمر كذلك . فاصبر كما صبروا ، إن ربك الذى تولاك بتربيته ورعايته ، لذو مغفرة عظيمة لعباده المؤمنين وذو عقاب أليم للكفار المكذبين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدۡ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبۡلِكَۚ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغۡفِرَةٖ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٖ} (43)

ثم قال : { مَا يُقَالُ لَكَ إِلا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ } قال قتادة ، والسدي ، وغيرهما : ما يقال لك من التكذيب إلا كما قد قيل للرسل من قبلك ، فكما قد كذبت فقد كذبوا ، وكما صبروا على أذى قومهم لهم ، فاصبر أنت على أذى قومك لك . وهذا اختيار ابن جرير ، ولم يحك هو ، ولا ابن أبي حاتم غيره .

وقوله : { إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ [ لِلنَّاسِ ] } {[25740]} أي : لمن تاب إليه { وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ } أي : لمن استمر على كفره ، وطغيانه ، وعناده ، وشقاقه ومخالفته .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، عن علي بن زيد {[25741]} عن سعيد بن المسيب قال : لما نزلت هذه الآية : { إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لولا غَفْر {[25742]} الله وتجاوزه ما هَنَأ أحدا العيشُ ، ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل أحد " {[25743]} .


[25740]:- (2) زيادة من أ.
[25741]:- (3) في ت: "روى ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب".
[25742]:– (4) في ت، س، أ: "عفو".
[25743]:- (5) إسناده مرسل، وعلي بن زيد متفق على ضعفه.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدۡ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبۡلِكَۚ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغۡفِرَةٖ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٖ} (43)

القول في تأويل قوله تعالى : { مّا يُقَالُ لَكَ إِلاّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنّ رَبّكَ لَذُو مَغْفِرَةَ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ما يقول لك هؤلاء المشركون المكذّبون ما جئتهم به من عند ربك إلا ما قد قاله من قبلهم من الأمم الذين كانوا من قبلك ، يقول له : فاصبر على ما نالك من أذى منهم ، كما صبر أولو العزم من الرسل ، وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الحُوتِ ، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ما يُقالُ لَكَ إلاّ ما قَدْ قِيلَ للرّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ يعزّي نبيه صلى الله عليه وسلم كما تسمعون ، يقول : كَذَلكَ ما أتَى الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إلاّ قالُوا ساحِرٌ أوْ مَجْنُونٌ .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ في قوله : ما يُقالُ لَكَ إلاّ ما قَدْ قِيلَ للرّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ قال : ما يقولون إلا ما قد قال المشركون للرسل من قبلك .

وقوله : إنّ رَبّك لَذُو مَغْفِرَةٍ يقول : إن ربك لذو مغفرة لذنوب التائبين إليه من ذنوبهم بالصفح عنهم وَذُو عِقابٍ ألِيمٍ يقول : وهو ذو عقاب مؤلم لمن أصر على كفره وذنوبه ، فمات على الإصرار على ذلك قبل التوبة منه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدۡ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبۡلِكَۚ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغۡفِرَةٖ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٖ} (43)

{ ما يقال لك } أي ما يقول لك كفار قومك . { إلا ما قد قيل للرسل من قبلك } إلا مثل ما قال لهم كفار قومهم ، ويجوز أن يكون المعنى ما يقول الله لك إلا مثل ما قال لهم . { إن ربك لذو مغفرة } لأنبيائه . { وذو عقاب أليم } لأعدائهم ، وهو على الثاني يحتمل أن يكون المقول بمعنى أن حاصل ما أوحي إليك وإليهم ، وعد المؤمنين بالمغفرة والكافرين بالعقوبة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدۡ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبۡلِكَۚ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغۡفِرَةٖ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٖ} (43)

وقوله : { ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك } يحتمل معنيين : أحدهما أن يكون تسلية للنبي عليه السلام عن مقالات قومه ، أي ما تلقى يا محمد من المكروه منهم ، ولا يقولون لك من الأقوال المؤلمة إلا ما قد قيل ولقي به من تقدمك من الرسل ، فلتتأسَّ بهم ولتمض لأمر الله ولا يهمنك شأنهم . والمعنى الثاني : أن تكون الآية تخليصاً لمعاني الشرع ، أي ما يقال لك من الوحي وتخاطب به من جهة الله تعالى إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ، ثم فسر ذلك الذي قيل لجميعهم وهو { إن ربك لذو مغفرة } للطائعين { وذو عقاب } للكافرين . وفي هذه الكلمات جماع النهي والزجر الموعظة ، وإليها يرجع كل نظر .