البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدۡ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبۡلِكَۚ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغۡفِرَةٖ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٖ} (43)

{ ما يقال لك } : يقال مبني للمفعول ، فاحتمل أن يكون القائل الله تعالى ، كما تقدم تأويلها فيه ، أي ما يوحي إليك الله إلا مثل ما أوحى إلى الرسل في شأن الكفار ، كما تأولناه على أحد الوجهين أو في الشرائع .

وجوزوا على أن القائل هو الله أن يكون .

{ إن ربك } : تفسير لقوله : { ما قد قيل } ، فالمقول { إن ربك لذو مغفرة } للطائعين ، { وذو عقاب أليم } للعاصين ، وهذا التأويل فيه بعد ، لأنه حصر ما أوحى الله إليه وإلى الرسل في قوله : { إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم } ، وهو تعالى قد أوحى إليه وإليهم أشياء كثيرة .

فإذا أحذناه على الشرائع أو على عاقبة المكذبين كان الحصر صحيحاً ، وكان قوله تعالى : { إن ربك } استئناف إخبار عنه تعالى لا تفسير لما قد قيل .

ويحتمل أن يكون القائل الكفار ، أي ما يقول لك كفار قومك إلا ما قد قال كفار الرسل لهم من الكلام المؤذي والطعن فيما أنزل الله عليهم من الكتب .

ثم أخبر تعالى أنه ذو مغفرة وذو عقاب أليم ، وفيه الترجئة بالغفران ، والزجر بالعقاب ، وهو وعظ وتهديد .

وقال قتادة : عزى الله نبيه وسلاه بقوله : { ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك } ، ومثله كذلك : { ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون }