التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَمۡ أَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗاۖ فَسَتَعۡلَمُونَ كَيۡفَ نَذِيرِ} (17)

ثم انتقل - سبحانه - من تهديدهم بالخسف إلى تهديدهم بعذاب آخر فقال : { أَمْ أَمِنتُمْ مِّن فِي السمآء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ } .

أي : بل أأمنتم - أيها الناس - من السماء ، وهو الله - عز وجل - بسلطانه وقدرته .

أن يرسل عليكم { حَاصِباً } أي : ريحا شديدة مصحوبة بالحصى والحجارة التي تهلك ، فحينئذ ستعلمون عند معاينتكم للعذاب ، كيف أن إنذاري لكم متحققا وواقعا وحقا . .

فالاستفهام في الآيتين ، المقصود به التعجيب من أمنهم عذاب الله - تعالى - عند مخالفتهم لأمره ، وخروجهم عن طاعته .

وقدم - سبحانه - من تهديدهم بالخسف على التهديد بإرسال الحصب ، لأن الخسف من أحوال الأرض ، التي سبق أن بين لهم أنه خلقها مذللة لهم ، وفيها ما فيها من منافعهم ، فهذه المنافع ليس عسيرا على الله - تعالى - أن يحولها إلى عذاب لهم . . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَمۡ أَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗاۖ فَسَتَعۡلَمُونَ كَيۡفَ نَذِيرِ} (17)

{ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا } أي : ريحا فيها حصباء تدمغكم ، كما قال : { أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلا } [ الإسراء : 68 ] . وهكذا توعدهم هاهنا بقوله : { فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ } أي : كيف يكون إنذاري وعاقبة من تخلف عنه وكذب به .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَمۡ أَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗاۖ فَسَتَعۡلَمُونَ كَيۡفَ نَذِيرِ} (17)

يقول تعالى ذكره : أأَمنْتُمْ مَنْ فِي السّماءِ أيها الكافرون أنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأرْضَ فإذا هِيَ تَمُورُ ، يقول : فإذا الأرض تذهب بكم وتجيء وتضطرب ، أمْ أمِنْتُمْ مَنْ فِي السّماءِ وهو الله ، أنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِبا ، وهو التراب فيه الحصباء الصغار ، فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ، يقول : فستعلمون أيها الكفرة كيف عاقبة نذيري لكم ، إذ كذبتم به ، ورددتموه على رسولي .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَمۡ أَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗاۖ فَسَتَعۡلَمُونَ كَيۡفَ نَذِيرِ} (17)

{ أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا } أن يمطر عليكم حصباء ، فستعلمون كيف نذير ، كيف إنذاري إذا شاهدتم المنذر به ، ولكن لا ينفعكم العلم حينئذ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَمۡ أَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗاۖ فَسَتَعۡلَمُونَ كَيۡفَ نَذِيرِ} (17)

والحاصب : البرد وما جرى مجراه ، لأنه في اللغة الريح ترمي بالحصباء ، ومنه قول الفرزدق : [ البسيط ]

مستقبلين شمال الريح ترجمهم*** بحاصب كنديف القطن منشور{[11217]}

وقرأ جمهور السبعة : «فستعلمون » بالتاء ، وقرأ الكسائي وحده : «فسيعلمون بالياء ، وقرأ السبعة وغيرهم : » نذير «بغير ياء على طريقهم في الفواصل المشبهة بالقوافي ، وقرأ نافع في رواية ورش وحده : » نذيري «بالياء على الأصل .


[11217]:هذا البيت من قصيدة للفرزدق يمدح فيها يزيد بن عبد الملك ويهجو يزيد بن المهلب، والحاصب: الريح الشديدة تحمل الحصباء، وهو موضع الاستشهاد هنا، و "نديف القطن" هو القطن حين يطرق بالمندف، فيصير نديفا، ورواية البيت في الديوان: مستقبلين شمال الشام تضربنا بحاصب كنديف القطن منثور.