التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{بَلَىٰٓۚ إِنَّ رَبَّهُۥ كَانَ بِهِۦ بَصِيرٗا} (15)

وقوله - سبحانه - { بلى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً } إيجاب لما نفاه ، وإثبات لما استبعده ، وجملة " إن ربه " بمنزلة التعليل لما أفادته بلى من إبطال لما نفاه .

أى : ليس الأمر كما زعم من أنه لن يبعث ولن يرجع إلى ربه . . بل الحق الذى لا يشوبه باطل ، أن هذا الشقى سيرجع إلى ربه يوم البعث والنشور ، ليجازيه على أعماله ، لأنه - سبحانه - كان - وما زال - عليما بأحوال هذا الشقى وغيره ، إذ لا يخفى عليه - سبحانه - شئ فى الأرض ولا فى السماء .

فالمراد بالبصر هنا : العلم التام بأحوال الخلق .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{بَلَىٰٓۚ إِنَّ رَبَّهُۥ كَانَ بِهِۦ بَصِيرٗا} (15)

( بلى إن ربه كان به بصيرا ) . .

إنه ظن أن لن يحور . ولكن الحقيقة أن ربه كان مطلعا على أمره ، محيطا بحقيقته ، عالما بحركاته وخطواته ، عارفا أنه صائر إليه ، وأنه مجازيه بما كان منه . . وكذلك كان ، حين انتهى به المطاف إلى هذا المقدور في علم الله . والذي لم يكن بد أن يكون !

وصورة هذا التعيس وهو مسرور بين أهله في حياة الأرض القصيرة المشوبة بالكدح - في صورة من صور الكدح - تقابلها صورة ذلك السعيد ، وهو ينقلب إلى أهله مسرورا في حياة الآخرة المديدة ، الطليقة ، الجميلة ، السعيدة ، الهنيئة ، الخالية من كل شائبة من كدح أو عناء . .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{بَلَىٰٓۚ إِنَّ رَبَّهُۥ كَانَ بِهِۦ بَصِيرٗا} (15)

وجملة : { إن ربه كان به بصيراً } مبينة للإِبطال الذي أفاده حرف { بلى } على وجه الإجمال يعني أن ظنه باطل لأن ربه أنبأه بأنه يبعث .

والمعنى : إن ربه عليم بمآله . وتأكيد ذلك بحرف { إنَّ } لرده إنكاره البعث الذي أخبر الله به على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فآل المعنى الحاصل من حرف الإِبطال ومن حرف التأكيد إلى معنى : أن ربه بصير به وأما هو فغير بصير بحاله كقوله : { واللَّه يعلم وأنتم لا تعلمون } [ البقرة : 216 ] .

وتعدية { بصيراً } بالباء لأنه من بَصُر القاصر بضم الصاد به إذا رآه رؤية محققة ، فالباء فيه معناها الملابسة أو الإِلصاق .

وفيه إشارة إلى حكمة البعث للجزاء لأن رب الناس عليم بأحوالهم فمنهم المصلح ومنهم المفسد والكل متفاوتون في ذلك فليس من الحكمة أن يذهب المفسد بفساده وما ألحَقَهُ بالموجودات من مضار وأن يهمل صلاح المصلح ، فجَعَل الله الحياة الأبدية وجعلها للجزاء على ما قدّم صاحبها في حياته الأولى .

وأطلق البصر هنا على العلم التام بالشيء .

وعلق وصف ( بصير ) بضمير الإنسان الذي ظن أن لن يحور ، والمراد : العِلم بأحواله لا بذاته .

وتقديم المجرور على متعلَّقه للاهتمام بهذا المجرور ، أي بصير به لا محالة مع مراعاة الفواصل .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{بَلَىٰٓۚ إِنَّ رَبَّهُۥ كَانَ بِهِۦ بَصِيرٗا} (15)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

بلى لَيَحُورَنّ ولَيَرْجِعَنّ إلى ربه حيا، كما كان قبل مماته. وقوله:"إنّ رَبّهُ كانَ بِهِ بَصِيرا "يقول جلّ ثناؤه: إن ربّ هذا الذي ظنّ أن لن يحور، كان به بصيرا، إذ هو في الدنيا، بما كان يعمل فيها من المعاصي، وما إليه يصير أمره في الآخرة، عالم بذلك كلّه...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً} وبأعماله لا ينساها ولا تخفى عليه، فلا بدّ أن يرجعه ويجازيه عليها...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

ثم أعلمهم أن الله تعالى لم يزل {بصيراً} بهم لا تخفى عليه أفعال أحد منهم، وفي هذا وعيد...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{بلى} ليرجعن صاغراً ناقصاً هالكاً، ثم علل ذلك بقوله مؤكداً لأجل من ينكر: {إن ربه} أي الذي ابتدأ إنشاءه ورباه {كان} أزلاً وأبداً {به} أي هذا الشقي في إعادته كما كان في ابتدائه وفي- جميع أعماله وأحواله التي لا يجوز في عدل عادل ترك الحساب عليها {بصيراً} أي ناظراً له وعالماً به أبلغ نظر و أكمل علم، فتركه مهملاً مع العلم بأعماله مناف للحكمة والعدل والملك، فهو شيء لا يمكن في العقل بوجه...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وجملة: {إن ربه كان به بصيراً} مبينة للإِبطال الذي أفاده حرف {بلى} على وجه الإجمال يعني أن ظنه باطل لأن ربه أنبأه بأنه يبعث. والمعنى: إن ربه عليم بمآله. وتأكيد ذلك بحرف {إنَّ} لرده إنكاره البعث الذي أخبر الله به على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فآل المعنى الحاصل من حرف الإِبطال ومن حرف التأكيد إلى معنى: أن ربه بصير به وأما هو فغير بصير بحاله كقوله: {واللَّه يعلم وأنتم لا تعلمون} [البقرة: 216]. وتعدية {بصيراً} بالباء لأنه من بَصُر القاصر بضم الصاد به إذا رآه رؤية محققة، فالباء فيه معناها الملابسة أو الإِلصاق. وفيه إشارة إلى حكمة البعث للجزاء لأن رب الناس عليم بأحوالهم فمنهم المصلح ومنهم المفسد والكل متفاوتون في ذلك فليس من الحكمة أن يذهب المفسد بفساده وما ألحَقَهُ بالموجودات من مضار وأن يهمل صلاح المصلح، فجَعَل الله الحياة الأبدية وجعلها للجزاء على ما قدّم صاحبها في حياته الأولى. وأطلق البصر هنا على العلم التام بالشيء. وعلق وصف (بصير) بضمير الإنسان الذي ظن أن لن يحور، والمراد: العِلم بأحواله لا بذاته. وتقديم المجرور على متعلَّقه للاهتمام بهذا المجرور، أي بصير به لا محالة مع مراعاة الفواصل...