التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعۡبُدُ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ إِنَّهَا كَانَتۡ مِن قَوۡمٖ كَٰفِرِينَ} (43)

وقوله - سبحانه - { وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ الله . . } بيان للأسباب التى منعتها من الدخول فى الإسلام قبل ذلك . و { مَا } موصولة على أنها فاعل " صد " .

أى : وصدها ومنعها الذى كانت تعبده من دون الله - تعالى - وهو الشمس - عن عبادة الله - تعالى - وحده ، وعن المسارعة إلى الدخول فى الإسلام .

ويصح أن تكون { مَا } مصدرية ، والمصدر هو الفاعل . أى . وصدها عبادة الشمس ، عن المسارعة إلى الدخول فى الإسلام .

وجملة { إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ } تعليل لسببية عبادتها لغير الله - تعالى- .

أى : إن هذه المرأة كانت من قوم كافرين بالله - تعالى - ، جاحدين لنعمه ، عابدين لغيره ، منذ آزمان متطاولة ، فلم يكن فى مقدورها إظهار إسلامها بسرعة وهى بينهم .

فالجملة الكريمة كأنها اعتذار لها عن سبب تأخرها فى الدخول فى الإسلام .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعۡبُدُ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ إِنَّهَا كَانَتۡ مِن قَوۡمٖ كَٰفِرِينَ} (43)

15

ثم يتدخل السياق القرآني لبيان ما كان قد منعها قبل ذلك من الإيمان بالله وصدها عن الإسلام عندما جاءها كتاب سليمان ؛ فقد نشأت في قوم كافرين ، فصدها عن عبادة الله عبادتها من دونه من خلقه ، وهي الشمس كما جاء في أول القصة :

( وصدها ما كانت تعبد من دون الله . إنها كانت من قوم كافرين ) . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعۡبُدُ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ إِنَّهَا كَانَتۡ مِن قَوۡمٖ كَٰفِرِينَ} (43)

وقوله تعالى : { وصدها } الآية ، يحتمل أن يكون من قول الله تعالى إخباراً لمحمد عليه السلام والصاد ما كانت تعبد أي عن الإيمان ونحوه . وقال الرماني عن التفطن للعرش ، لأن المؤمن يقظ والكافر خشيب أو يكون الصاد سليمان عليه السلام قاله الطبري ، أو يكون الصاد الله عز وجل . ولما كان { صدها } بمعنى منعها ، تجاوز على هذا التأويل بغير حرف جر وإلا فبابه ألا يتعدى إلا ب «عن » ، وقرأ جمهور الناس «إنها بكسر الهمزة ، وقرأ سعيد بن جبير وابن أبي عبلة » أنها «بفتح الهمزة وهو على تقدير ذلك أنها ، أو على البدل من { ما } ، قاله محمد بن كعب القرظي وغيره .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعۡبُدُ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ إِنَّهَا كَانَتۡ مِن قَوۡمٖ كَٰفِرِينَ} (43)

وصدّها هي عن الإسلام ما كانت تعبد من دون الله ، أي صدّها معبودها من دون الله ، ومتعلق الصد محذوف لدلالة الكلام عليه في قوله : { وكنا مسلمين } . وما كانت تعبده هو الشمس . وإسناد الصدّ إلى المعبود مجاز عقلي لأنه سبب صدها عن التوحيد كقوله تعالى : { وما زادُوهم غير تتبيب } [ هود : 101 ] وقوله : { غَرَّ هؤلاء دينُهم } [ الأنفال : 49 ] .

وفي ذكر فعل الكون مرتين في { ما كانت تعبد } . و { إنها كانت من قوم كافرين } دلالة على تمكنها من عبادة الشمس وكان ذلك التمكن بسبب الانحدار من سلالة المشركين ، فالشرك منطبع في نفسها بالوراثة ، فالكفر قد أحاط بها بتغلغله في نفسها وبنشأتها عليه وبكونها بين قوم كافرين ، فمن أين يخلص إليها الهدى والإيمان .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعۡبُدُ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ إِنَّهَا كَانَتۡ مِن قَوۡمٖ كَٰفِرِينَ} (43)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وصدها} عن الإسلام {ما كانت تعبد من دون الله} من عبادة الشمس {إنها كانت من قوم كافرين}.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: ومنع هذه المرأة صاحبة سبأ "ما كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ الله"، وذلك عبادتها الشمس أن تعبد الله... عن مجاهد "وَصَدّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دونِ اللّهِ "قال: كفرها بقضاء الله، صدها أن تهتدي للحق.

ولو قيل: معنى ذلك: وصدّها سليمان ما كانت تعبد من دون الله، بمعنى: منعها وحال بينها وبينه، كان وجها حسنا. ولو قيل أيضا: وصدّها الله ذلك بتوفيقها للإسلام، كان أيضا وجها صحيحا.

وقوله: "إنّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ" يقول: إن هذه المرأة كانت كافرة من قوم كافرين... المعنى فيه لم يصدها عن عبادة الله جهلها، وأنها لا تعقل، إنما صدها عن عبادة الله عبادتها الشمس والقمر، وكان ذلك من دين قومها وآبائها، فاتبعت فيه آثارهم.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان المعنى: وأما هي فإنها وإن أوتيت علماً فلم يكن ثابتاً، ولا كان معه دين، ترجمه بقوله: {وصدها} أي هي عن كمال العلم كما صدها عن الدين {ما} أي المعبود الذي {كانت} أي كوناً ثابتاً في الزمن الماضي {تعبد} أي عبادة مبتدئة {من دون الله} أي غير الملك الأعلى الذي له الكمال كله أو أدنى رتبة من رتبته، وهي عبادة الشمس ليظهر الفرق بين حزب الله الحكيم العليم وحزب إبليس السفيه الجهول. ثم علل ذلك إشارة إلى عظيم نعمة الله عليه بالنعمة على أسلافه بقوله: {إنها}... {كانت من قوم} أي ذوي بطش وقيام {كافرين} أي فكان ذلك سبباً -وإن كانت في غاية من وفور العقل وصفاء الذهن وقبول العلم كما دل عليه ظنها في عرشها، ما يهتدي له إلا من عنده قابلية الهدي- في اقتفائها لآثارهم في الدين، فصديت مرآة فكرها ونبت صوارم عقلها.

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

أي ومنعها ما كانت تعبده من دون الله وهو الشمس عن إظهار الإسلام والاعتراف بوحدانيته تعالى، من قبل أنها من قوم كانوا يعبدونها ونشأت بين أظهرهم ولم تكن قادرة على إظهار إسلامها إلى أن مثلت بين يدي سليمان فاستطاعت أن تنطق بما كانت تعتقده في قرارة نفسها ويجول في خاطرها.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وفي ذكر فعل الكون مرتين في {ما كانت تعبد}. و {إنها كانت من قوم كافرين} دلالة على تمكنها من عبادة الشمس وكان ذلك التمكن بسبب الانحدار من سلالة المشركين، فالشرك منطبع في نفسها بالوراثة، فالكفر قد أحاط بها بتغلغله في نفسها وبنشأتها عليه وبكونها بين قوم كافرين، فمن أين يخلص إليها الهدى والإيمان.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ} وهذا هو السبب في عبادتها للشمس، فهي لم تكن نتيجة قناعةٍ فكريةٍ في ما كانت تفكر به من شؤون العبادة، بل كانت نتيجة تقليدٍ للمجتمع الكافر الذي تنتمي إليه بالنسب والتربية، فتتأثر به تلقائياً بفعل الجوّ والعادة والتربية.