الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعۡبُدُ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ إِنَّهَا كَانَتۡ مِن قَوۡمٖ كَٰفِرِينَ} (43)

قوله : { وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ } : في فاعلِ " صَدَّ " ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها : ضميرُ الباري . والثاني : ضميرُ سليمان . وعلى هذا ف { مَا كَانَت تَّعْبُدُ } منصوبٌ على إسقاطِ الخافضِ أي : وصدَّها اللهُ ، أو سليمانُ ، عن ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دونِ الله ، قاله الزمخشري مُجَوِّزاً له . وفيه نظرٌ : من حيث إنَّ حَذْفَ الجارِّ ضرورةٌ كقوله :

تَمُرُّون الديارَ ولم تَعُوْجُوا *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كذا قاله الشيخ . وقد تقدَّم لك آياتٌ كثيرةٌ من هذا النوعِ فلهذه بِهِنَّ أُسْوَةٌ . والثالث : أنَّ الفاعلَ هو " ما كَانَتْ " أي : صَدَّها ما كانَتْ تعبدُ عن الإِسلامِ وهذا واضِحٌ . والظاهرُ أنَّ الجملةَ مِنْ قولِه " وصَدَّها " معطوفةٌ على قولِه : " وأُوْتِيْنا " . وقيل : هي حالٌ مِنْ قوله : " أم تكونَ من الذينَ " و " قد " مضمرةٌ وهذا بعيدٌ جداً . وقيل : هو مستأنَفٌ إخبارٍ من اللهِ تعالى بذلك .

قوله : " إنَّها " العامَّةُ على كسرِها استئنافاً وتعليلاً . وقرأ سعيد بن جبير وأبو حيوةَ بالفتح ، وفيها وجهان ، أحدهما : أنها بدلٌ مِنْ " ما كانَتْ تعبدُ " ، أي : وصَدَّها أنها كانَتْ . والثاني : أنها على إسقاطِ حَرْفِ العلةِ أي : لأنَّها ، فهي قريبةٌ من قراءةِ العامة .