اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعۡبُدُ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ إِنَّهَا كَانَتۡ مِن قَوۡمٖ كَٰفِرِينَ} (43)

قوله : { وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ الله } في فاعل «صَدَّ » ثلاثة أوجه :

أحدها : ضمير الباري{[39055]} .

والثاني : ضمير سليمان{[39056]} ، أي منعها ما كانت تعبد من دون الله ، وهو الشمس ، وعلى هذا ف { مَا كَانَتْ تَعْبُدُ } منصوب على إسقاط الخافض ، أي : وصدّها الله أو سليمان عما كانت تعبدُ من دون الله ، قاله الزمخشري{[39057]} مجوزاً له . وفيه نظر من حيث إن حذف الجار ضرورة ، كقوله :

3965 - تَمُرُّونَ الدِّيَارَ فَلَمْ تَعُوجُوا{[39058]} *** . . .

كذا قاله أبو حيان{[39059]} ، وقد تقدم آيات كثيرة من هذا النوع .

الثالث : أن الفاعل هو «ما كانت » أي : صدها ما كانت تعبد عن الإسلام{[39060]} ، ( أي : صدها عبادة الشمس عن التوحيد ){[39061]} . والظاهر أنّ الجملة من قوله : «وصدّها » معطوفة على قوله «وأُوتِينَا »{[39062]} . وقيل : هي حال من قوله : أم تكون من الذين و ( قد ) مضمرة ، وهذا بعيد جداً{[39063]} . وقيل : هو مستأنف إخباراً من الله تعالى بذلك{[39064]} .

قوله : { إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ } يعبدون الشمس ، والعامة على كسر «إنّها » استئنافاً وتعليلاً : وقرأ سعيد بن جبير وأبو حيوة بالفتح{[39065]} ، وفيها وجهان :

أحدهما : أنها بدل من { مَا كَانَتْ تَعْبُدُ } أي : وصدّها «أنّها كانت »{[39066]} .

والثاني : أنها على إسقاط حرف العلة ، أي : لأنّها{[39067]} ، فهي قريبة من قراءة العامة .


[39055]:انظر معاني القرآن للفراء 2/295، مشكل إعراب القرآن 2/149، الكشاف 3/145، البيان 2/222، التبيان 2/1009.
[39056]:انظر معاني القرآن للفراء 2/295، مشكل إعراب القرآن 2/149، الكشاف 3/145
[39057]:قاله الزمخشري: (وقيل: وصدّها الله، أو سليمان عما كانت تعبد بتقدير حذف الجار وإيصال الفعل) الكشاف 3/145.
[39058]:صدر بيت من بحر الوافر، قاله جرير وعجزه: كلامكم عليَّ إذن حرام وقد تقدم.
[39059]:قال أبو حيان: (وكونه الله أو سليمان و(ما) مفعول (صدها) على إسقاط حرف الجر قاله الطبري، وهو ضعيف لا يجوز إلا في ضرورة الشعر نحو قوله: تمرّون الدّيار ولم تعوجوا أي: عن الديار، وليس من مواضع حذف حرف الجر). البحر المحيط 7/79.
[39060]:انظر معاني القرآن للفراء 2/295، مشكل إعراب القرآن 2/149، البيان 2/222، التبيان 2/1009.
[39061]:ما بين القوسين سقط من ب.
[39062]:انظر البحر المحيط 7/79.
[39063]:وضعّفه أبو حيان معلّلاً بقوله: (لطول الفصل بينهما، ولأن التقديم والتأخير لا يذهب إليه إلا عند الضرورة) البحر المحيط 7/79.
[39064]:المرجع السابق.
[39065]:المختصر (110) تفسير ابن عطية 11/213، البحر المحيط 7/79.
[39066]:في ب: كانت تعبد.
[39067]:انظر مشكل إعراب القرآن 2/149، الكشاف 3/145، البيان 2/223، التبيان 2/1009، البحر المحيط 7/79.