التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَيَالٍ عَشۡرٖ} (2)

وأقسم - سبحانه - ثانيا بقوله : { وَلَيالٍ عَشْرٍ } والمراد بها : الليالى العشر الأُوَلى من شهر ذى الحجة ، لأنها وقت مناسك الحج ، ففيها الإِحرام ، والطواف ، والوقوف بعرفة . .

وقيل المراد بها : الليالى العشر الأواخر من رمضان وقيل : الليالى العشر الأُوَلى من شهر المحرم . .

قال الإِمام ابن كثير : والليالى العشر : المراد بها : عشر ذى الحجة . كما قاله ابن عباس وابن الزبير ، ومجاهد ، وغير واحد من السلف والخلف .

وقد ثبت فى صحيح البخارى ، عن ابن عباس مرفوعا : " ما من أيام العمل الصالح ، أحب إلى الله - تعالى - فيهن ، من هذه الأيام " - يعنى : عشر ذو الحجة - قالوا : " ولا الجهاد فى سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد فى سبيل الله ، إلا رجلا خرج بنفسه وماله ، ثم لم يرجع من ذلك بشئ " .

وقيل : المراد بذلك : العشر الأُوَل من المحرم . وقيل : العشر الأُوَل من رمضان والصحيح القول الأول . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَيَالٍ عَشۡرٖ} (2)

" وليال عشر " أطلقها النص القرآني ووردت فيها روايات شتى . . قيل هي العشر من ذي الحجة ، وقيل هي العشر من المحرم . وقيل هي العشر من رمضان . . وإطلاقها هكذا أوقع وأندى . فهي ليال عشر يعلمها الله . ولها عنده شأن . تلقي في السياق ظل الليلات ذات الشخصية الخاصة . وكأنها خلائق حية معينة ذوات أرواح ، تعاطفنا ونعاطفها من خلال التعبير القرآني الرفاف !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَيَالٍ عَشۡرٖ} (2)

وليال عشر عشر ذي الحجة ولذلك فسر الفجر بفجر عرفة أو النحر أو عشر رمضان الأخير وتنكيرها للتعظيم وقرئ وليال عشر بالإضافة على أن المراد بالعشر الأيام .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَيَالٍ عَشۡرٖ} (2)

وقوله : { وليال عشر } : هي ليال معلومة للسامعين موصوفة بأنها عشر واستُغني عن تعريفها بتوصيفها بعشر وإذ قد وصفت بها العدد تعين أنها عشر متتابعة وعدل عن تعريفها مع أنها معروفة ليتوصل بترْك التعريف إلى تنوينها المفيد للتعظيم وليس في ليالي السَّنة عشرُ ليال متتابعة عظيمة مثل عشر ذي الحجّة التي هي وقتُ مناسك الحج ، ففيها يكون الإِحرام ودخول مكة وأعمال الطواف ، وفي ثامنتها ليلة التروية ، وتاسعتها ليلة عرفة وعاشرتها ليلة النحر . فتعين أنها الليالي المرادة بليال عشر . وهو قول ابن عباس وابن الزبير ، وروى أحمد والنسائي عن أبي الزبير ( المكي ) عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن العشر عشر الأضحى » قال ابن العربي : ولم يصح وقال ابن عساكر : رجاله لا بأس بهم وعندي أن المتن في رفعه نكارة اه .

ومناسبة عطف { ليال عشر } على { الفجر } أن الفجر وقت انتهاء الليل ، فبينه وبين الليل جامع المضادة ، والليل مظهر من مظاهر القدرة الإلهية فلما أريد عطفه على الفجر بقوله : { والليل إذا يسر } خصت قبل ذكره بالذكرِ ليال مباركة إذ هي من أفراد الليل .

وكانت الليالي العشر معينة من الله تعالى في شرع إبراهيم عليه السلام ثم غيرت مواقيتها بما أدخله أهل الجاهلية على السَّنة القمرية من النسيء فاضطربت السنين المقدسة التي أمر الله بها إبراهيم عليه السلام . ولا يُعرف متى بدأ ذلك الاضطراب ، ولا مقاديرُ ما أدخل عليها من النسيء ، ولا ما يضبط أيام النسيء في كل عام لاختلاف اصطلاحهم في ذلك وعدم ضبطه فبذلك يتعذر تعيين الليالي العشر المأمور بها من جانب الله تعالى ، ولكننا نوقن بوجودها في خلال السنة إلى أن أوحى الله إلى نبيئه محمد صلى الله عليه وسلم في سنة عشر من الهجرة عام حجة الوداع ، بأن أشهر الحج في تلك السنة وافقت ما كانت عليه السنةُ في عهد إبراهيم عليه السلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع : " إن الزمان قد استدار كهيئته يومَ خلق الله السماوات والأرض " .

وهذا التغيير لا يرفع بركة الأيام الجارية فيها المناسك قبل حجة الوداع لأن الله عظمها لأجل ما يقع فيها من مناسك الحج إذ هو عبادة لله خاصة .

فأوقات العبادات تعيين لإِيقاع العبادة فلا شك أن للوقت المعين لإيقاعها حكمة علمها الله تعالى ولذلك غلب في عبارات الفقهاء وأهل الأصول إطلاقُ اسم السبب على الوقت لأنهم يريدون بالسبب المعرّف بالحكم ولا يريدون به نفسَ الحِكمة .

وتعيين الأوقات للعبادات مما انفرد الله به ، فلأوقات العبادات حرمات بالجعل الرباني ، ولكن إذا اختلت أو اختلطت لم يكن اختلالها أو اختلاطها بقاض بسقوط العبادات المعينة لها .

فقسمُ اللَّه تعالى بالليالي العشر في هذه مما نزل بمكة قسم بما في علمه من تعيينها في علمه .