وقوله : { وَبَرًّا بِوَالِدَتِي } أي : وأمرني ببر والدتي ، ذكره بعد طاعة الله ربه ؛ لأن الله تعالى كثيرًا ما يقرن{[18811]} بين الأمر بعبادته وطاعة الوالدين ، كما قال تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } [ الإسراء : 23 ] وقال { أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } [ لقمان : 14 ] .
وقوله : { وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا } أي : ولم يجعلني جبارًا مستكبرًا عن عبادته وطاعته وبر والدتي ، فأشقى بذلك .
قال سفيان الثوري : الجبار الشقي : الذي يقبل{[18812]} على الغضب .
وقال بعض السلف : لا تجد أحدًا عاقًّا لوالديه إلا وجدته جبارًا شقيًّا ، ثم قرأ : { وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا } ، قال : ولا تجد سيئ الملكة إلا وجدته مختالا فخورًا ، ثم قرأ : { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالا فَخُورًا } [ النساء : 36 ]
وقال قتادة : ذكر لنا أن امرأة رأت ابن مريم يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص ، في آيات سلطه الله عليهن ، وأذن له فيهن ، فقالت : طوبى للبطن الذي حملك وللثدي الذي أرضعت به ، فقال نبي الله عيسى ، عليه السلام ، يجيبها : طوبى لمن تلا كلام{[18813]} الله ، فاتبع ما فيه ولم يكن جبارًا شقيًّا .
البَرّ بفتح الباء : اسم بمعنى البار . وتقدم آنفاً . وقد خصه الله تعالى بذلك بين قومه ، لأن برّ الوالدين كان ضعيفاً في بني إسرائيل يومئذ ، وبخاصة الوالدة لأنها تستضعف ، لأن فرط حنانها ومشقتها قد يجرئان الولد على التساهل في البرّ بها .
والجبّار : المتكبر الغليظ على الناس في معاملتهم . وقد تقدم في سورة هود ( 59 ) قوله : { واتبعوا أمر كل جبار عنيد } .
والشقيّ : الخاسر والذي تكون أحواله كدرة له ومؤلمة ، وهو ضدّ السعيد . وتقدّم عند قوله تعالى : { فمنهم شقي وسعيد } في آخر سورة هود ( 105 ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.