وقوله - تعالى - : { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } بيان لنعمة ثانية . والطلح : قالوا هو شجر الموز . واحدة طلحة ، والمنضود : المتراكب بعضه وق بعض ، بحيث صار ثمره متراصا على هيئة جميلة تسر الناظرين .
فقوله { مَّنضُودٍ } اسم مفعول من النضد وهو الرص . يقال ؛ نضد فلان متاعه ، - من باب ضرب - إذا وضع بعضه فوق بعض بطريقة منسقة جميلة ، ومنه قوله - تعالى - : { والنخل بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ }
وقوله : { وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ } : الطلح : شجر عظام يكون بأرض الحجاز ، من شجر العضَاه ، واحدته طلحة ، وهو شجر كثير الشوك ، وأنشد ابن جرير لبعض الحداة {[28058]} :
بَشَّرَهَا دَليلها وقالا *** غدًا تَرينَ الطَّلحَ والجبَالا
وقال مجاهد : { مَنْضُودٍ } أي : متراكم الثمر ، يذكر بذلك قريشًا ؛ لأنهم كانوا يعجبون من وَجّ ، وظلاله من طلح وسدر .
وقال السُّدّي : { مَنْضُودٍ } : مصفوف . قال ابن عباس : يشبه طلح الدنيا ، ولكن له ثمر أحلى من العسل .
قال الجوهري : والطلح لغة في الطلع .
قلت : وقد روى ابن أبي حاتم من حديث الحسن بن سعد ، عن شيخ من همدان قال : سمعت عليًّا يقول : هذا الحرف في { وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ } قال : طلع منضود ، فعلى هذا يكون هذا من صفة السدر ، فكأنه وصفه بأنه مخضود وهو الذي لا شوك له ، وأن طلعه منضود ، وهو كثرة ثمره ، والله أعلم .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو معاوية ، عن إدريس ، عن جعفر بن إياس ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد : { وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ } قال : الموز . قال : وروي عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، والحسن ، وعِكْرِمَة ، وقسامة بن زهير ، وقتادة ، وأبي حَزْرَة ، مثل ذلك ، وبه قال مجاهد وابن زيد - وزاد فقال : أهل اليمن يسمون الموز الطلح . ولم يحك ابن جرير غير هذا القول{[28059]} .
والطلح كذلك من العضاه شجر عظيم كثير الشوك وشبهه في الجنة على صفات مباينة لحال الدنيا . و : { منضود } معناه مركب ثمره بعضه على بعض من أرضه إلى أعلاه .
وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه وجعفر بن محمد وغيره : «طلع منضود » ، فقيل لعلي إنما هو : { طلح } . فقال : ما للطلح وللجنة ؟ فقيل له أنصلحها في المصحف فقال : إن المصحف اليوم لا يهاج ولا يغير . وقال علي بن أبي طالب وابن عباس : الطلح : الموز ، وقاله مجاهد وعطاء . وقال الحسن : ليس بالموز ، ولكنه شجر ظله بارد رطب .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{وطلح منضود} يعني المتراكب بعضه فوق بعض، نظيرها: {لها طلع نضيد} [ق:10]، يعني المنضود...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قوله:"وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ "أما الفرّاء فعلى قراءة ذلك بالحاء "وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ" وكذا هو في مصاحف أهل الأمصار. ورُوي عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يقرأ «وَطَلْعٍ مَنْضُودٍ» بالعين...
وأما الطلح فإن المعمر بن المثنى كان يقول: هو عند العرب شجر عظام كثير الشوك...وأما أهل التأويل من الصحابة والتابعين فإنهم يقولون: إنه هو الموز...
وقوله: "مَنْضُودٍ" يعني أنه قد نُضِدَ بعضُه على بعض، وجمع بعضه إلى بعض...
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
{وَطَلْحٍ منضُودٍ} فيه ثلاثة أقاويل:...
الثاني: أنها شجرة تكون باليمن وبالحجاز كثيراً تسمى طلحة...
إنها من أحسن الشجر منظراً، ليكون بعض شجرهم مأكولاً وبعضه منظوراً.
نقول: الظاهر أنه شجر الموز، وبه يتم ما ذكرنا من الفائدة...
فنقول: إما الورق وإما الثمر، والظاهر أن المراد الورق، لأن شجر الموز من أوله إلى أعلاه يكون ورقا بعد ورق، وهو ينبت كشجر الحنطة ورقا بعد ورق وساقه يغلظ وترتفع أوراقه، ويبقى بعضها دون بعض، كما في القصب، فموز الدنيا إذا ثبت كان بين القصب وبين بعضها فرجة، وليس عليها ورق، وموز الآخرة يكون ورقه متصلا بعضه ببعض فهو أكثر أوراقا، وقيل: المنضود المثمر، فإن قيل: إذا كان الطلح شجرا فهو لا يكون منضودا وإنما يكون له ثمر منضود...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.