تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَطَلۡحٖ مَّنضُودٖ} (29)

الآيات 27 – 29 وقوله تعالى : { وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين } { في سدر مخضود } { وطلح منضود } أصحاب اليمين هم المؤمنون على ما ذكرنا . ثم اختلف في ذكر شجر السدر لهم وما ذكر من الطلح وغير ذلك .

منهم من قال : إنما ذكر هذا لهم لتفضيل المقربين على أصحاب اليمين لأنه قال في المقربين : { والسابقون السابقون } { أولئك المقربون } { في جنات النعيم }[ الآيات : 10- 12 ] إلى آخر ما ذكر من عظم الكرامات التي ذكر لهم ، ثم ذكر لأصحاب اليمين دون ذلك ليعلم تفضيل المقربين على أصحاب اليمين .

ومنهم من قال : إن قوما من العرب ينتفعون بذلك لأن لها ثمرة ، لكن ليست بمرغّبة ، ولها شوك ؛ فأخبر الله تعالى : أن لهم في الجنة ذلك بلا شوك ولا أذى ، بل رغب فيه ، وهو كما وعد لهم من الخمور . ثم نفى{[20437]} عن خمورها الآفات .

فعلى ذلك جائز أن يكون شجر السدر فيها بغير آفات ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وطلح منضود } منهم من قال : هو طلح منضود متراكم كما ذكر في آية أخرى : { لها طلع نضيد } [ ق : 10 ] ذكر في إحدى الآيتين فعيلا{[20438]} وفي الأخرى مفعولا{[20439]} وذلك جائز في اللغة .

وقيل : { وطلح } بالحاء : هو الموز ، وذكر أن عليا رضي الله عنه سمع قارئا يقرأ : { وطلح منضود } فقال علي رضي الله عنه : ما شأن الطلح ؟ إنما هو طلع ، فقيل له : إن في المصحف : { وطلح } أفلا نغيره ؟ فقال : إن المصحف لا يغير اليوم . وهذا يؤيد التأويل الأول .

وقال أبو معاذ : الطلح في كلام العرب شجر عظام كثير الأغصان ، واحدها طلحة ، وقال : { مخضود } أي مقطوع الشوك ، خلق هنالك هكذا بلا شوك . ومنه قوله عليه السلام في شجر الحرم : ( لا يخضد شوكها ، ولا يعضد شجرها ) [ البخاري 112 ] .


[20437]:من م، في الأصل: نهى.
[20438]:في الأصل و م: فعيل.
[20439]:في الأصل و م: مفعول.