{ وادخلي جَنَّتِي } التى وعدتهم بها ، والتى أعددتها لنعيمهم الدائم المقيم .
وقد ذكروا أن هذه الآيات الكريمة نزلت فى شأن عثمان بن عفان لّما تصدق ببئر رومة .
وقيل : نزلت فى حمزة بن عبد المطلب حين استشهد .
قال القرطبى : والصحيح أنها عامة فى نفس كل مؤمن مخلص طائع . .
نسأل الله - تعالى - أن يجعلنا جميعا من أصحاب النفوس المطمئنة .
" وادخلي جنتي " . . في كنفي ورحمتي . .
إنها عطفة تنسم فيها أرواح الجنة . منذ النداء الأول : " يا أيتها النفس المطمئنة " . . المطمئنة إلى ربها . المطمئنة إلى طريقها . المطمئنة إلى قدر الله بها . المطمئنة في السراء والضراء ، وفي البسط والقبض ، وفي المنع والعطاء . المطمئنة فلا ترتاب والمطمئنة فلا تنحرف . والمطمئنة فلا تتلجلج في الطريق . والمطمئنة فلا ترتاع في يوم الهول الرعيب . .
ثم تمضي الآيات تباعا تغمر الجو كله بالأمن والرضى والطمأنينة ، والموسيقى الرخية الندية حول المشهد ترف بالود والقربى والسكينة .
ألا إنها الجنة بأنفاسها الرضية الندية ، تطل من خلال هذه الآيات . وتتجلى عليها طلعة الرحمن الجليلة البهية . . .
وقرأ ابن عباس ، وعكرمة ، وأبو شيخ ، والضحاك ، واليماني ، ومجاهد ، وأبو جعفر فادخلني في عبدي ) ، فالنفس –على هذا- ليست باسم الجنس ، وإنما خاطب مفردة ، قال أبو شيخ : الروح تدخل في البدن ، وفي مصحف أبي بن كعب : " يا أيتها الآمنة المطمئنة ، التي إلى ربك راضية مرضية ، فارجعي في عبدي " ، وقرأ سالم بن عبد الله : " فادخلي في عبادي ولجي جنتي " . وتحتمل قراءة " عبدي " أن يكون " العبد " اسم جنس ، جعل عباده كالشيء الواحد دلالة على الالتحام ، كما قال عليه الصلاة والسلام :
" وهم يد على من سواهم " {[11822]} . وقال آخرون : هذا النداء إنما هو الموقف عندما ينطلق بأهل النار إلى النار ، فنداء النفوس على هذا إنما هو نداء أرباب النفوس مع النفوس . ومعنى ( ارجعي إلى ربك )- على هذا إلى رحمة ربك والعباد هنا الصالحون المتقون .
وإضافة ( جنة ) إلى ضمير الجلالة إضافة تشريف كقوله : { في مقعد صدق عند مليك مقتدر } [ القمر : 55 ] .
وهذه الإِضافة هي مما يزيد الالتفات إلى ضمير التكلُّم حسناً بعد طريقة الغيبة بقوله : { ارجعي إلى ربك } .
وتكرير فعل { وادخلي } فلم يقل : فادخلي جنتي في عبادي للاهتمام بالدخول بخصوصه تحقيقاً للمسرة لهم .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قوله : "ارْجِعي إلى رَبّكِ" اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : هذا خبر من الله جلّ ثناؤه عن قيل الملائكة لنفس المؤمن عند البعث ، تأمرها أن ترجع في جسد صاحبها قالوا : وعُنِي بالردّ هاهنا صاحبها ... عن ابن عباس ، قوله : "يا أيّتُها النّفْسُ المُطْمَئِنّةُ ارْجِعي إلى رَبّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيّةً" قال : تردّ الأرواح المطمئنة يوم القيامة في الأجساد ...
وقال آخرون : بل يقال ذلك لها عند الموت ...
وأولى القولين في ذلك بالصواب القول الذي ذكرناه عن ابن عباس والضحاك ، أن ذلك إنما يقال لهم عند ردّ الأرواح في الأجساد يوم البعث لدلالة قوله : "فادْخُلِي فِي عِبادِي وادْخُلِي جَنّتِي" .
[قوله : "فادْخُلِي فِي عِبادِي وادْخُلِي جَنّتِي"] اختلف أهل التأويل في معنى ذلك؛
فقال بعضهم : معنى ذلك : فادخلي في عبادي الصالحين ، وادخلي جنتي ...
وقال آخرون : معنى ذلك : فادْخُلِي في طَاعَتِي وَادخُلِي جَنّتِي ...
{ فادخلي في عبادي } فذكر بفاء التعقيب ، ولما كانت الجنة الجسمانية لا يحصل الفوز بها إلا بعد قيام القيامة الكبرى ، لا جرم قال : { وادخلي جنتي } فذكره بالواو لا بالفاء ، والله سبحانه وتعالى أعلم . ...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
أي وهي جنة عدن وهي أعلى الجنان ...
تفسير القرآن الكريم لابن عثيمين 1421 هـ :
أي جنته التي أعدها الله عز وجل لأوليائه ، أضافها الله إلى نفسه تشريفاً لها وتعظيماً ، وإعلاماً للخلق بعنايته بها جل وعلا ... وهذا يوجب للإنسان أن يرغب فيها غاية الرغبة ، كما أنه يرغب في بيوت الله التي هي المساجد ، لأن الله أضافها إلى نفسه ...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.