والمراد بالعلامات فى قوله - تعالى - : { وَعَلامَاتٍ وبالنجم هُمْ يَهْتَدُونَ } الأمارات والمعالم التى يضعها الناس على الطرق بإلهام من الله - تعالى - للاهتداء بها عند السفر .
والمراد بالنجم : الجنس ، فيشمل كل نجم يهتدى به المسافر .
أى ومن مظاهر نعمه - أيضا - ، أنه - سبحانه - جعل فى الأرض معالم وأمارات من جبال كبار ، وآكام صغار ، وغير ذلك ، ليهتدى بها المسافرون فى سفرهم ، وتكون عونا لهم على الوصول إلى غايتهم ، وبمواقع النجوم هم يهتدون فى ظلمات البر والبحر ، إلى الأماكن التى يبغون الوصول إليها .
والضمير " هم " فى قوله { وبالنجم هُمْ يَهْتَدُونَ } يشمل كل سالك فى ظلمات البر والبحر ، ويدخل فيه دخولا أوليا أهل مكة ، لأنهم كانوا كثيرى الأسفار للتجارة ، كما كانوا معروفين بالاهتداء فى سيرهم بمواقع النجوم .
وقوله : { وَعَلامَاتٍ } أي : دلائل من جبال كبار وآكام صغار ، ونحو ذلك ، يستدل بها المسافرون برًا وبحرًا إذا ضلوا الطريق [ بالنهار ]{[16377]} .
وقوله : { وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } أي : في ظلام الليل ، قاله ابن عباس .
وعن مالك في قوله : { وَعَلامَاتٍ } يقولون : النجوم ، وهي الجبال .
{ وعلامات } معالم يستدل بها السابلة من جبل وسهل وريح ونحو ذلك . { وبالنجم هم يهتدون } بالليل في البراري والبحار ، والمراد بالنجم الجنس ويدل عليه قراءة " وبالنُّجْمِ " بضمتين وضمة وسكون على الجمع . وقيل الثريا والفرقدان وبنات نعش والجدي ، ولعل الضمير لقريش لأنهم كانوا كثيري الأسفار مشهورين بالاهتداء في مسايرهم بالنجوم ، وإخراج الكلام عن سنن الخطاب وتقديم النجم وإقحام الضمير للتخصيص كأنه قيل : وبالنجم خصوصا هؤلاء خصوصا يهتدون ، فالاعتبار بذلك والشكر عليه ألزم لهم أوجب عليهم .
{ عَلامات } نصب على المصدر ، أي فعل هذه الأشياء لعلكم تعتبرون بها { وعلامات } أي عبرة وإعلاماً في كل سلوك ، فقد يهتدي بالجبال والأنهار والسبل ، واختلف الناس في معنى قوله { وعلامات } على أن الأظهر عندي ما ذكرت ، فقال ابن الكلبي «العلامات » الجبال ، وقال إبراهيم النخعي ومجاهد : «العلامات » النجوم ، ومنها ما سمي علامات ومنها ما يهتدي به ، وقال ابن عباس : «العلامات » معالم الطرق بالنهار ، والنجوم هداية الليل .
قال القاضي أبو محمد : والصواب إذا قدرنا الكلام غير معلق بما قبله أن اللفظة تعم هذا وغيره ، وذلك أن كل ما دل على شيء وأعلم به فهو علامة ، وأحسن الأقوال المذكورة ، قول ابن عباس رضي الله عنه : لأنه عموم في المعنى فتأمله ، وحدثني أبي رضي الله عنه أنه سمع بعض أهل العلم بالمشرق يقول : إن في بحر الهند الذي يجري فيه من اليمن إلى الهند حيتاناً طوالاً رقاقاً كالحيات في التوائها وحركاتها وألوانها ، وإنها تسمى علامات ، وذلك أنها علامة الوصول إلى بلد الهند ، وأمارة إلى النجاة والانتهاء إلى الهند لطول ذلك البحر وصعوبته ، وإن بعض الناس قال : إنها التي أراد الله تعالى في هذه الآية .
قال القاضي أبو محمد : قال أبي رضي الله عنه : وأما من شاهد تلك العلامات في البحر المذكور وعاينها فحدثني منهم عدد كثير ، وقرأ الجمهور «وبالنجم » على أنه اسم الجنس ، وقرأ يحيى بن وثاب «وبالنُّجْم » بضم النون والجيم ساكنة على التخفيف من ضمها ، وقرأ الحسن «وبالنُّجم » بضم النون وذلك جمع ، كسقف وسقف ، ورهن ورهن ، ويحتمل أن يراد وبالنجوم ، فحذفت الواو{[7268]} .
قال القاضي أبو محمد : وهذا عندي توجيه ضعيف ، وقال الفراء : المراد الجدي والفرقدان{[7269]} . وقال غيره : المراد القطب الذي لا يجري وقال قوم : غير هذا ، وقال قوم : هو اسم الجنس وهذا هو الصواب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.