التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا} (30)

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك حسن عاقبة المؤمنين فقال : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا} (30)

28

ولكنها مقابلة مع ارتفاق الذين آمنوا وعملوا الصالحات هنالك في الجنان . . وشتان شتان !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا} (30)

لما ذكر تعالى حال الأشقياء ، ثنى بذكر السعداء ، الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين فيما جاؤوا به ، وعملوا بما أمروهم به من الأعمال الصالحة ، فلهم { جَنَّاتُ عَدْنٍ } والعدن : الإقامة .

{ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ } أي : من تحت غرفهم ومنازلهم ، قال [ لهم ]{[18163]} فرعون : { وَهَذِهِ الأنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي } [ الزخرف : 51 ] .

{ يُحَلَّوْنَ } أي : من الحلية { فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ } وقال في المكان الآخر : { وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } [ الحج : 23 ] وفصله هاهنا فقال : { وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ } فالسندس : لباس{[18164]} رقاع رقاق كالقمصان وما جرى مجراها ، وأما الإستبرق فغليظ الديباج وفيه بريق .

وقوله : { مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ } الاتكاء قيل : الاضطجاع وقيل التربع في الجلوس . وهو أشبه بالمراد هاهنا ومنه الحديث [ في ]{[18165]} الصحيح : " أما أنا فلا آكل متكئًا " {[18166]} فيه القولان .

والأرائك : جمع أريكة ، وهي السرير تحت الحَجَلة ، والحجلة كما يعرفه{[18167]} الناس في زماننا هذا بالباشخاناه ، والله أعلم .

قال عبد الرزاق : أخبرنا مَعْمَرُ ، عن قتادة : { عَلَى الأرَائِكِ } قال : هي الحجال . قال معمر : وقال غيره : السّرُر في الحجال{[18168]}

وقوله : { نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا } [ أي : نعمت الجنة ثوابًا على أعمالهم { وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا } أي : حسنت منزلا ومقيلا ومقامًا ، كما قال في النار : { بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا } [ الكهف : 29 ]{[18169]} ، وهكذا قابل بينهما في سورة الفرقان في قوله : { إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } [ الفرقان : 66 ] ثم ذكر صفات المؤمنين فقال : { أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } [ الفرقان : 76 ، 75 ] .


[18163]:زيادة من ت.
[18164]:في ت، ف، أ: "ثياب".
[18165]:زيادة من ت، ف.
[18166]:صحيح البخاري برقم (5398).
[18167]:في ت، ف: "تعرفه".
[18168]:تفسير عبد الرزاق (1/339).
[18169]:زيادة من ف.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا} (30)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ إِنّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } .

يقول تعالى ذكره : إن الذين صدقوا الله ورسوله ، وعملوا بطاعة الله ، وانتهوا إلى أمره ونهيه ، إنا لا نضيع ثواب من أحسن عملاً ، فأطاع الله ، واتبع أمره ونهيه ، بل نجازيه بطاعته وعمله الحسن جنات عدن تجري من تحتها الأنهار .

فإن قال قائل : وأين خَبَر «إنّ » الأولى ؟ قيل : جائز أن يكون خبرها قوله : إنّا لا نُضِيعُ أجْرَ مَنْ أحْسَنَ عَمَلاً فيكون معنى الكلام : إنا لا نضيع أجر من عمل صالحا ، فترك الكلام الأوّل ، واعتمد على الثاني بنية التكرير ، كما قيل : يَسْألُونَكَ عَنِ الشّهْرِ الحَرَامِ قِتالٍ فِيهِ بمعنى : عن قتال فيه على التكرير ، وكما قال الشاعر :

إنّ الخَلِيفَةَ إنّ اللّهَ سَرْبَلَهُ *** سِرْبالَ مُلْكٍ بِهِ تُرْجَى الخَواتِيمُ

ويروى : تُرْخَى وجائز أن يكون : إنّ الّذِينَ آمَنُوا جزاءً ، فيكون معنى الكلام : إن من عمل صالحا فإنا لا نضيع أجره ، فتضمر الفاء في قوله «إنّا » وجائز أن يكون خبرها : أولئك لهم جنات عدن ، فيكون معنى الكلام : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، أولئك لهم جنات عدن .